والآخَرُ: أنْ يَحتمِلَ قَولَ كلِّ واحِدٍ منهما، كالخَرقِ في الثَّوبِ، والرَّفْوِ، ونَحوِهما، ولَم يَكُنْ لِأحَدِهما بَيِّنةٌ، فاختلَف الفُقهاءُ فيها.
فقالَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيَّةُ والمالِكيَّةُ والشافِعيَّةُ والحَنابِلةُ في أصَحِّ الرِّوايتَيْنِ: القَولُ قَولُ البائِعِ مع يَمينِه إذا لَم يَكُنْ لِلمُشتَري بَيِّنةٌ على كَونِ هذا العَيبِ عندَ البائِعِ؛ لأنَّ الأصلَ سَلامةُ المَبيعِ وصِحَّةُ العَقدِ، ولأنَّ المُشتَريَ يَدَّعي عليه استِحقاقَ فَسخِ البَيعِ وهو يُنكِرُه، والقَولُ قَولُ المُنكِرِ.
وصِفةُ الحَلِفِ عندَ الحَنفيَّةِ: أنْ يَحلِفَ البائِعُ باللَّهِ ما له حَقُّ الرَّدِّ بهذا العَيبِ الذي يَدَّعيه.
وقالَ المالِكيَّةُ: يَحلِفُ البائِعُ لقد باعَه وما به عَيبٌ، أو ما به ذلك العَيبُ الذي ذكَره، فإنْ كانَ عَيبًا ظاهِرًا حلَف على البَتِّ، وإنْ كانَ عَيبًا باطِنًا حلَف على العِلمِ، وقد قيلَ: إنَّه يَحلِفُ على البَتاتِ في الوَجهَيْنِ؛ فإنْ نكَل حلَف المُشتَري على البَتاتِ، وقد قيلَ: إنَّه يَحلِفُ بأنَّه لا يَعلَمُ هذا العَيبَ حدَث عندَه، ثم يَرُدُّ؛ فإنْ نكَل لزِمه ولا شَيءَ عليه.
ومَن اشتَرَى سِلعةً فوجَد بها عَيبَيْنِ، أحَدُهما قَديمٌ والآخَرُ ممَّا يَقدُمُ ويَحدُثُ مِثلُه كانَ له رَدُّها بالعَيبِ القَديمِ وعليه اليَمينُ بأنَّه ما حدَث عندَه العَيبُ الآخَرُ.
وعندَ الشافِعيَّةِ أنَّه يُنظَرُ في جَوابِه لِلمُشتَري، فإنِ ادَّعَى المُشتَري أنَّ بالمَبيعِ عَيبًا كانَ قبلَ القَبضِ فأرادَ الرَّدَّ فقالَ في جَوابِهِ: ليسَ له الرَّدُّ علَيَّ بالعَيبِ الذي يَذكُرُه، أو لا يَلزَمُني قَبولُه، حلَف على ذلك، ولا يُكلَّفُ