وقالَ الشافِعيَّةُ: إذا حدَث بالمَبيعِ عَيبٌ في يَدِ المُشتَري بجِنايةٍ أو بآفةٍ، ثم اطَّلَعَ على عَيبٍ قَديمٍ، لَم يَملِكِ الرَّدَّ قَهرًا؛ لِمَا فيه مِنْ الإضرارِ بالبائِعِ، ولا يُكلَّفُ المُشتَري الرِّضا به، بَلْ يُعلَمُ البائِعُ به؛ فإنْ رَضيَ به مَعيبًا قيلَ لِلمُشتَري: إمَّا أنْ تَرُدَّه، وإمَّا أنْ تَقنَعَ به ولا شَيءَ لَكَ. وإنْ لَم يَرضَ به؛ فلا بدَّ مِنْ أنْ يَضُمَّ المُشتَري أرشَ العَيبِ الحادِثِ إلى المَبيعِ لِيَرُدَّه، أو يُغرَّمَ البائِعُ لِلمُشتَري أرشَ العَيبِ القَديمِ لِيُمسِكَه، فإنِ اتَّفَقا على أحَدِ هذَيْنِ المَسلكَيْنِ فذاكَ، وإنِ اختَلَفا فدَعا أحَدُهما إلى الرَّدِّ مع أرشِ العَيبِ الحادِثِ، ودَعا الآخَرُ إلى الإمساكِ وغَرامةِ أرشِ العَيبِ القَديمِ؛ ففيه أوْجُهٌ:
أحَدُها: المُتَّبَعُ قَولُ المُشتَري.
والثاني: رَأيُ البائِعِ.
والثالِثُ -قالَ النَّوويُّ: وهو أصَحُّها-: المُتَّبعُ رَأيُ مَنْ يَدعو إلى الإمساكِ والرُّجوعِ بأرشِ العَيبِ، سَواءٌ كانَ البائِعَ أو المُشتَريَ.
وما ذَكَرناه مِنْ إعلامِ المُشتَري البائِعَ يَكونُ على الفَورِ؛ فإنْ أخَّرَه بلا عُذرٍ بطَل حَقُّه مِنْ الرَّدِّ والأرشِ، إلَّا أنْ يَكونَ العَيبُ الحادِثُ قَريبَ الزَّوالِ في الأغلَبِ، كالرَّمَدِ والحُمَّى؛ فلا يُعتبَرُ الفَورُ على أحَدِ القَولَيْنِ، بَلْ له انتِظارُ زَوالِه لِيَرُدَّه سَليمًا عن العَيبِ الحادِثِ.
ومَهما زالَ العَيبُ الحادِثُ بعدَما أخَذ المُشتَري أرشَ العَيبِ القَديمِ، أو قَضى به القاضي ولَم يَأخُذْه، فهل له الفَسخُ ورَدُّ الأرشِ؟ وَجهانِ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute