للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتَّعلُّمِ والحَملِ قبلَ الوَضعِ والثَّمرةِ قبلَ التَّأبيرِ؛ فإنَّها لا تَمنَعُ الرَّدَّ إنْ رَضيَ المُشتَري برَدِّها مع الأصلِ، بلا خِلافٍ بينَ فُقهاءِ المَذاهبِ الأربَعةِ؛ لأنَّها تابِعةٌ حَقيقةً وَقتَ الفَسخِ؛ فبِالرَّدِّ يَنفَسِخُ العَقدُ في الأصلِ مَقصودًا ويَنفَسِخُ في الزِّيادةِ تَبَعًا.

وإمَّا أنْ تَكونَ غيرَ مُتوَلِّدةٍ مِنْ الأصلِ، كالصَّبغِ في الثَّوبِ والسَّمنِ أو العَسَلِ المَلتوتِ بالسَّويقِ والبِناءِ في الأرضِ ونَحوِها؛ فإنَّها تَمنَعُ الرَّدَّ بالعَيبِ عندَ الحَنفيَّةِ؛ لأنَّ هذه الزِّيادةَ ليسَتْ بتابِعةٍ بَلْ هي أصلٌ بنَفْسِها، ألَا تَرَى أنَّه لا يثبُتُ حُكمُ البَيعِ فيها أصلًا ورَأْسًا؟ فلَو رَدَّ المَبيعَ لَكانَ لا يَخلو إمَّا أنْ يَرُدَّه وَحدَه بدُونِ الزِّيادةِ، وإمَّا أنْ يَرُدَّه مع الزِّيادةِ، لا سَبيلَ إلى الأوَّلِ؛ لأنَّه مُتعَذِّرٌ لِتعَذُّرِ الفَصلِ، ولا سَبيلَ إلى الثاني؛ لأنَّ الزِّيادةَ ليسَتْ بتابِعةٍ في العَقدِ، فلا تَكونُ تابِعةً في الفَسخِ، ولأنَّ المُشتَريَ صارَ قابِضًا لِلمَبيعِ بإحداثِ هذه الزِّيادةِ، صارَ كأنَّها حَدَثتْ بعدَ القَبضِ، وحُدوثُها بعدَ القَبضِ يَمنَعُ الرَّدَّ بالعَيبِ، إلَّا إذا تَراضَيا على الرَّدِّ؛ لأنَّه صارَ بمَنزِلةِ بَيعٍ جَديدٍ.

وأمَّا الزِّيادةُ المُنفَصِلةُ فنَوعانِ:

أحَدُهما: أنْ تَكونَ الزِّيادةُ مِنْ غيرِ عَينِ المَبيعِ، كالكَسبِ والأُجرةِ، فهي لِلمُشتَري في مُقابَلةِ ضَمانِه؛ لأنَّه لو هلَك هلَك مِنْ مالِ المُشتَري، وهو مَعنَى قَولِه : «الخَراجُ بالضَّمانِ» وبِهذا قالَ أبو حَنيفةَ ومالِكٌ والشافِعيُّ وأحمدُ، ولا خِلافَ بينَهم في هذا؛ لِحَديثِ عائِشةَ أنَّ رَجُلًا ابتاعَ غُلامًا فأقامَ عندَه ما شاءَ اللَّهُ أنْ يُقيمَ، ثم وجَد به عَيبًا، فخاصَمَه

<<  <  ج: ص:  >  >>