للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جاءَ في «المُدوَّنةِ»: باب: ما جاءَ في الخَشَبِ والبَيضِ والرانِجِ والقِثَّاءِ يُوجَدُ به عَيبٌ:

قالَ ابنُ القاسِمِ: كلُّ ما أشبَهَ الخَشَبَ ممَّا لا يَبلُغُ عِلمَ النَّاسِ مَعرِفةُ العَيبِ فيه؛ لأنَّه باطِنٌ، وإنَّما يُعرَفُ عَيبُه بعدَ أنْ يُشَقَّ شَقًّا، ففعَل ذلك المُشتَري ثم ظهَر على العَيبِ الباطِنِ بعدَما شَقَّه فهو له لازِمٌ، ولا شَيءَ على البائِعِ.

فقُلتُ لِمالِكٍ: فالرانِجُ، وهو الجَوزُ الهِنديُّ، والجَوزُ والقِثَّاءُ والبِطِّيخُ والبَيضُ يَشتَريه الرَّجُلُ فيَجِدُه فاسِدًا؟

قالَ: أمَّا الرانِجُ والجَوزُ فلا أرَى أنْ يُرَدَّ، وهو مِنْ المُشتَري، وأمَّا البَيضُ فهو مِنْ البائِعِ، ويُرَدُّ، وأمَّا القِثَّاءُ فإنَّ أهلَ الأسواقِ يَرُدُّونَه إذا وَجَدوه مُرًّا.

قالَ مالِكٌ: ولا أدري بما رَدُّوا ذلك؛ استِنكارًا لِمَا عَمِلوا به مِنْ ذلك في رَدِّهم إيَّاه؛ فيما رَأيتُه حينَ كلَّمَني فيه، ولا أرَى أنْ يُرَدَّ، قُلتُ: فلِمَ رَدَّ مالِكٌ البَيضَ مِنْ بَينِ هذه الأشياءِ؟ قالَ: لأنَّ مَعرِفةَ فَسادِ البَيضِ كأنَّه أمرٌ ظاهِرٌ يُعرَفُ، ليسَ بباطِنٍ مثلَ غيرِه (١).

وذهَب جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيَّةُ والشافِعيَّةُ والحَنابِلةُ في المَذهبِ والمالِكيَّةُ في قَولٍ إلى أنَّ مَنْ اشتَرَى شَيئًا مأكولُه في جَوفِه ولا يُطَّلَعُ على عَيبِه إلَّا بكَسرِه، كالبِطِّيخِ والرُّمَّانِ والجَوزِ والبَيضِ، وكَسَرَه ولَم يَكُنْ لِمَعيبِه قيمةٌ،


(١) «المدونة الكبرى» (٤/ ٣٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>