قالَ المالِكيَّةُ: ما لا يُمكِنُ الِاطِّلاعُ على وُجودِه إلَّا بتَغييرٍ في ذاتِ المَبيعِ فإنَّه لا يَكونُ عَيبًا على المَشهورِ، ولا قيمةَ لِلمُشتَري على البائِعِ في نَظيرِ ذلك، سَواءٌ كانَ حَيَوانًا أو غيرَه، كخُضرةِ بَطنِ الشاةِ، وسُوسِ الخَشَبِ بعدَ شَقِّه، وفَسادِ باطِنِ الجَوزِ، ومُرِّ القِثَّاءِ، ونَحوِه، إلَّا أنْ يَشترِطَ الرَّدَّ به فيُعمَلَ بشَرطِه؛ لأنَّه شَرطٌ فيه غَرَضٌ وماليَّةٌ، والعادةُ كالشَّرطِ.
ثم إنَّ ما يُمكِنُ الِاطِّلاعُ عليه قبلَ التَّغيُّرِ تارةً يُدلِّسُ فيه البائِعُ بأنْ يَعلَمَه ولا يُبيِّنَ، وهذا لا كَلامَ في أنَّ حُكمَه حُكمُ المُدلِّسِ في غيرِه مِنْ الرَّدِّ وغيرِه، وتارةً لا يُدلِّسُ فيه البائِعُ بألَّا يَعلَمَه بالفِعلِ، وفي هذا لِلمُشتَري التَّمسُّكُ به أو الرَّدُّ، إلَّا أنْ يَحصُلَ فيه مَفوتٌ عندَه؛ فله قيمةُ الأرشِ القَديمِ، فإنْ لَم يَحصُلْ عندَه مَفوتٌ رَدَّه وما نقَصه، وهذا هو المُعتمَدُ.
وأمَّا البَيضُ فله أنْ يَرُدَّه ويَرجِعَ بجَميعِ الثَّمنِ، كُسِرَ أو لا، دلَّس أو لا، لكنْ بشَرطِ أنْ يَكونَ حينَئذٍ لا يَجوزُ أكلُه، وأمَّا إنْ كانَ مَمروقًا فَقط، وكانَ البائِعُ غيرَ مُدلِّسٍ فلا يُرَدُّ، ويَرجِعُ بما بينَ الصِّحَّةِ والدَّاءِ فيُقوَّمُ سالِمًا يَومَ البَيعِ على أنَّه صَحيحٌ غيرُ مَعيبٍ، وصَحيحٌ مَعيبٍ، فإذا قيلَ: قيمَتُه صَحيحًا غيرَ مَعيبٍ عَشَرةٌ، وصَحيحًا مَعيبًا ثَمانيةٌ؛ فإنَّه يَرجِعُ بنِسبةِ ذلك مِنْ الثَّمنِ، وهو الخُمُسُ، هذا إذا كانَ له قيمةٌ يَومَ البَيعِ بعدَ الكَسرِ، وإلَّا رجَع بالثَّمنِ كُلِّه. قالَ ابنُ القاسِمِ: هذا إذا كَسَرَه بحَضرةِ البَيعِ، وإنْ كانَ بعدَ أيامٍ لَم يُرَدَّ به؛ إذ لا يَدري أفسَد عندَ البائِعِ أو المُبتاعِ، قالَه مالِكٌ (١).