للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَم تُسَمِّه لي. فاختَصَما إلى عُثمانَ ، فقَضى عُثمانُ على ابنِ عمرَ أنَّه يَحلِفُ لَقَدْ باعَه العَبدَ وما به داءٌ يَعلَمُه، فأبَى عَبدُ اللَّهِ أنْ يَحلِفَ، وارتَجَعَ العَبدَ، فباعَه بألْفٍ وخَمسِمِئةٍ (١)، فدَلَّ قَضاءُ عُثمانَ أنَّه يُبرَأُ مِنْ عَيبِ الحَيَوانِ الذي لَم يَعلَم به.

والفَرقُ بينَ الحَيَوانِ وغيرِه ما قالَه الشافِعيُّ من أنَّ الحَيَوانَ يَأكُلُ في حالَتَيْ صِحَّتِه وسَقَمِه، وتَتبدَّلُ أحوالُه سَريعًا، فقَلَّ أنْ يَنفَكَّ عن عَيبٍ خَفيٍّ أو ظاهِرٍ، فيَحتاجُ البائِعُ إلى هذا الشَّرطِ لِيَثِقَ بلُزومِ العَقدِ.

والفَرقُ بينَ العَيبِ المَعلومِ وغيرِه أنَّ كِتمانَ المَعلومِ تَلبيسٌ وغِشٌّ، فلا يُبرَأُ منه.

والفَرقُ بينَ الظَّاهِرِ والباطِنِ أنَّ الظَّاهِرَ يَسهُلُ الِاطِّلاعُ عليه، ويُعلَمُ في الأغلَبِ؛ فأعطَيناه حُكمَ المَعلومِ، وإنْ كانَ قد يَخفَى على نُدورٍ؛ فيَرجِعُ الأمرُ إلى أنَّه لا يُبرَأُ عن غيرِ الباطِنِ في الحَيَوانِ ولا عن غيرِه مِنْ غيرِ الحَيَوانِ مُطلَقًا، سَواءٌ كانَ ظاهِرًا أو باطِنًا، سَواءٌ في ذلك الثِّيابُ والعَقارُ ونَحوُهما (٢).

قالَ الماوَرديُّ : اعلَم أنَّ البَيعَ بشَرطِ البَراءةِ مِنْ العُيوبِ على ثَلاثةِ أضرُبٍ:

أحَدُها: أنَّه يُبرَأُ مِنْ عُيوبٍ سَمَّاها ووَقَفَ المُشتَري عليها.

والثاني: أنَّه يُبرَأُ مِنْ عُيوبٍ سَمَّاها ولَم يَقِفِ المُشتَري عليها.


(١) رواه الإمام مالك في «الموطأ» (١٢٩٧) باب: العيب في الرقيق.
(٢) «كفاية الآخيار» (٢٩٥)، و «الحاوي الكبير» (٥/ ٢٧١، ٢٧٣)، و «المهذب» (١/ ٢٨٨)، و «التنبيه» (٩٥)، و «الوسيط» (٣/ ٥٢٤، ٥٢٦)، و «مغني المحتاج» (٢/ ٥٠٤، ٥٠٥)، و «أسنى المطالب» (٢/ ٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>