أحَدِهما ثبَت في الآخَرِ، وقَولُ عُثمانَ ﵁ قد خالَفَه ابنُ عمرَ ﵁، وقَولُ الصَّحابيِّ المُخالِفِ لا يَبقَى حُجَّةً (١).
قالَ الحَنفيَّةُ: البَيعُ بشَرطِ البَراءةِ مِنْ العُيوبِ جائِزٌ في الحَيَوانِ وغيرِه، ويَدخُلُ في البَراءةِ ما عَلِمَه البائِعُ وما لَم يَعلَمه، وما وَقَفَ عليه المُشتَري وما لَم يَقِفْ عليه، سَواءٌ سَمَّى جِنسَ العُيوبِ أو لَم يُسَمِّ، أشارَ إليه أو لَم يُشِرْ.
ويُبرَأُ عن كلِّ عَيبٍ مَوجودٍ به وَقتَ البَيعِ، وما يَحدُثُ بعدَه إلى وَقتِ التَّسليمِ في قَولِ أبي حَنيفةَ وأبي يُوسفَ، وقالَ مُحمَّدٌ: لا يُبرَأُ عن العَيبِ الحادِثِ.
ولو شرَط أنَّه بَريءٌ مِنْ كلِّ عَيبٍ به لَم يَنصرِفْ إلى الحادِثِ في قَولِهم جَميعًا، وكذلك إذا خَصَّ ضَربًا مِنْ العُيوبِ صَحَّ التَّخصيصُ.
ولو باعَ بشَرطِ البَراءةِ عن كلِّ عَيبٍ به، وما يَحدُثُ، فالبَيعُ بهذا الشَّرطِ فاسِدٌ.
ولو اختَلَفا في عَيبٍ أنَّه حادِثٌ بعدَ العَقدِ أو كانَ عندَه لا أثَرَ لِهذا عندَ أبي حَنيفةَ وأبي يُوسفَ، فلَفظُ الإبراءِ يَتناوَلُ الحادِثَ نَصًّا ودِلالةً، أمَّا النَّصُّ فإنَّه عَمَّ البَراءةَ عن العُيوبِ كُلِّها، أو خَصَّها بجِنسٍ مِنْ العُيوبِ على
(١) «مختصر اختلاف العلماء» للطحاوي (٣/ ١٤٢)، و «شرح فتح القدير» (٦/ ٣٩٩)، و «الكافي» (٣٤٩)، و «الذخيرة» (٥/ ٩٠، ٩١)، و «الحاوي الكبير» (٥/ ٢٧١، ٢٧٢)، و «المهذب» (١/ ٢٨٨)، و «التنبيه» (٩٥)، و «الوسيط» (٣/ ٥٢٤، ٥٢٦)، و «مغني المحتاج» (٢/ ٥٠٤، ٥٠٥)، و «كفاية الآخيار» (٢٩٥)، و «أسنى المطالب» (٢/ ٦٣)، و «المغني» (٤/ ١٢٩)، و «الفتاوى الكبرى» (٤/ ٤٧١).