للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن القاضِي أبي الطَّيبِ: أنَّ خُروجَ المَنيِّ يَنقضُ، ويَصيرُ به جُنُبًا مُحدِثًا، قالَ الدَّميريُّ: وهو قَويٌّ؛ لأنَّه خارِجٌ من السَّبيلَينِ كالحَيضِ، وهو يُوجبُ الغُسلَ والوُضوءَ بالاتِّفاقِ، كما حَكاه الماوَرديُّ وابنُ عَطيةَ، فلذلك اختارَه الشَّيخُ وصحَّحَه الرافِعيُّ في كِتابِه: «المَحمود»، وهو: كِتابٌ مَبسوطٌ، وصَلَ فيه إلى الصَّلاةِ في ثمَاني مُجلَّداتٍ ولم يُكمِلْه.

ولعَدمِ النَّقضِ بخُروجِ المَنيِّ فائِدَتانِ:

إحداهُما: إذا كانَ مُحدِثًا فاغتسَلَ للجَنابةِ، ففي صِحةِ صَلاتِه خِلافٌ، وههنا إذا اغتسَلَ صحَّت صَلاتُه بلا خِلافٍ.

والثانية: إذا تجَرَّدت جَنابَتُه عن الحَدثِ، فتَيممَ لها عندَ عَجزِه عن استِعمالِ الماءِ فله أنْ يُصليَ ما شاءَ من الفَرائضِ بتَيممٍ واحِدٍ، ما لم يُحدِثْ ولم يُمكِنْه استِعمالُ الماءِ، كالحائِضِ إذا تَيمَّمت لاستِباحةِ الوَطءِ أو الصَّلاةِ، ثم أحدَثَت، يَجوزُ وَطؤُها ومُكثُها في المَسجدِ، ما لم تَجدِ الماءَ أو يَعُدْ حَيضُها (١).

قالَ الإمامُ النَّوويُّ : الخارِجُ من أحدِ السَّبيلَينِ، عَينًا كانَ، أو رِيحًا، من قُبلِ الرَّجلِ والمَرأةِ، أو دُبرِهما، نادِرًا كانَ، كالدَّمِ والحَصى، أو مُعتادًا، نَجسَ العَينِ، أو طاهِرَها، كالدُّودِ والحَصى، إلا المَنيَّ، فلا يَنقضُ الوُضوءَ بخُروجِه، وإنَّما يُوجبُ الغُسلَ، ولنا وَجهٌ شاذٌّ: أنَّه يُوجبُ الوُضوءَ أيضًا (٢).


(١) «النجم الوهاج» (١/ ٢٦٦)، و «مغني المحتاج» (١/ ١١٢).
(٢) «روضة الطالبين» (١/ ٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>