للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذاكَ لأنَّ ظاهِرَ الأمرِ الصِّحَّةُ والسَّلامةُ؛ فيَبني الآخَرُ الأمرَ على ما يَظُنُّه مِنْ الظَّاهِرِ الذي لَم يَصِفْه الآخَرُ بلِسانِه، وذلك نَوعٌ مِنْ الغَرَرِ له والتَّدليسِ عليه، ومَعلومٌ أنَّ الغُرورَ بالكَلامِ والوَصفِ إثْمٌ، فإذا غَرَّه بأنْ يُظهِرَ له أمرًا ثم لا يَفعَلُه معه؛ فإنَّ ذلك أعظَمُ في الغَرَرِ والتَّدليسِ، وأينَ السَّاكِتُ مِنْ النَّاطِقِ؟ فيَجِبُ أنْ يَكونَ أعظَمَ إثْمًا (١).

ويَجِبُ عليه تَفصيلُ العَيبِ أو إراءَتُه لِلمُشتَري، ولا يَجوزُ له إجمالُ العَيبِ، أي: يَجمُلُ في الجِنسِ الصَّادِقِ على أفرادٍ، ولَم يُعيِّنِ الغَرَرَ القائِمَ به؛ ككونِه مَعيبًا، ولَم يُعيِّنْ عَينَ العَيبِ (٢).

ووُجوبُ الإعلامِ بالعَيبِ لا يَقتصِرُ على البائعِ، بل يَمتَدُّ إلى كلِّ مَنْ عَلِمَ بالعَيبِ.

قالَ السُّبكيُّ في تَكمِلةِ المَجموعِ: إنْ عَلِمَ غيرُ المالِكِ بالعَيبِ لزِمه أنْ يُبيِّنَ ذلك لِمَنْ يَشتَريه؛ لِلحَديثِ الآخَرِ الذي ذكَره المُصنِّفُ، ولقولِه : «الدِّينُ النَّصيحةُ»، والأحاديثُ في ذلك كَثيرةٌ صَحيحةٌ صَريحةٌ، ومِمَّن صرَّح بهذه المَسألةِ مع المُصنِّفِ ابنُ أبي عَصرونٍ، والنَّوويُّ في الرَّوضةِ، مِنْ زياداتِه، وذلك ممَّا لا أظُنُّ فيه خِلافًا؛ لِوُجوبِ النَّصيحةِ، وقد دخَل في قَولِ المُصنِّفِ ممَّن هُمْ غيرُ المالِكِ: البائِعُ بوَكالةٍ أو وِلايةٍ، الذي دَلَّ كَلامُه في التَّنبيهِ عليه، وغيرُ البائِعِ، ومَن ليسَ له تَعلُّقٌ بهما، إلَّا أنَّه اطَّلَعَ على


(١) «الفتاوى الكبرى» (٣/ ٢٣٦).
(٢) «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (٦/ ٤٥٣)، و «حاشية العدوي» (٢/ ١٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>