للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمِنَ الكِتابِ: استَدَلُّوا بعُمومِ قَولِ اللهِ تَعالى: ﴿إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾ [النساء: ٢٩]، والعَيبُ في المَبيعِ مُنافٍ لِلرِّضا المَشروطِ في العُقودِ؛ فالعَقدُ المُلتَبِسُ بالعَيبِ تِجارةٌ عن غيرِ تَراضٍ؛ فالآيةُ تَدُلُّ على أنَّ العاقِدَ لا يَلزَمُه المَعقودُ عليه المَعيبُ، بل له رَدُّه والِاعتِراضُ، بقَطعِ النَّظَرِ عن طَريقةِ الرَّدِّ والإصلاحِ لِذلك الخَلَلِ في تَكافُؤِ المُبادَلةِ.

ومِنَ السُّنةِ: عن عائِشةَ : أنَّ رَجُلًا ابتاعَ غُلامًا فأقامَ عندَه ما شاءَ اللَّهُ أنْ يُقيمَ ثم وجَد به عَيبًا، فخاصَمَه إلى النَّبيِّ فرَدَّه عليه، فقالَ الرَّجُلُ: يا رَسولَ اللَّهِ، قد استَغَلَّ غُلامي، فقالَ رَسولُ اللَّهِ : «الخَراجُ بالضَّمانِ» (١).

قالَ الخطَّابيُّ : مَعنَى الخَراجِ: الدَّخلُ والمَنفَعةُ، ومِن هذا قَولُ اللهِ تَعالى: ﴿أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجًا فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ﴾ [المؤمنون: ٧٢].

ويُقالُ لِلعَبدِ إذا كانَ لِسَيِّدِه عليه ضَريبةٌ: مُخارِجٌ، ومَعنَى قَولِه : «الخَراجُ بالضَّمانِ»: المَبيعُ إذا كانَ ممَّا له دَخلٌ وغَلَّةٌ فإنَّ مالِكَ الرَّقَبةِ -الذي هو ضامِنُ الأصلِ- يَملِكُ الخَراجَ بضَمانِ الأصلِ؛ فإذا ابتاعَ الرَّجُلُ أرضًا فأشغَلُها، أو ماشيةً فنَتَجَها، أو دابَّةً فرَكِبَها، أو عَبدًا فاستَخدَمَه، ثم وجَد به عَيبًا، فلَه أنْ يَرُدَّ الرَّقَبةَ ولا شَيءَ عليه فيما انتفعَ به؛ لأنَّها لو تَلِفتْ ما بينَ مُدَّةِ العَقدِ والفَسخِ لَكانَتْ


(١) حَدِيثٌ حَسَنٌ: رواه أبو داود (٣٥٠٨)، والترمذي (١٢٨٥)، والنسائي (٤٤٩٠)، وابن ماجه (٢٢٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>