للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويثبُتُ خيارُ الغَبنِ عندَ الحَنابِلةِ في ثَلاثِ صُوَرٍ:

إحداها: تَلَقِّي الرُّكبانِ: لقولِه : «لا تَلَقَّوُا الجَلبَ؛ فمَن تَلَقَّاه فاشتَرَى مِنه فإذا أتَى سَيِّدُه السُّوقَ فهو بالخيارِ» (١).

الثانيةُ: النَّجشُ: وهو أنْ يَزيدَ في السِّلعةِ مَنْ لا يُريدُ شِراءَها؛ لِيَغُرَّ المُشتَريَ؛ لِنَهيِه عن النَّجشِ (٢)، والشِّراءُ صَحيحٌ؛ لأنَّ النَّهيَ عادَ إلى النَّاجِشِ، لا إلى العاقِدِ، لكنَّ له الخيارَ إذا غُبِنَ.

الثالِثةُ: المُسترسِلُ: وهو مَنْ جَهِلَ القيمةَ مِنْ بائِعٍ ومُشتَرٍ، ولا يُحسِنُ يُماكِسُ، فله الخيارُ إذا غُبِنَ لِجَهلِه بالمَبيعِ، أشبَهَ القادِمَ مِنْ سَفَرٍ، وهذا النَّوعُ هو الذي يَكونُ فيه الغَبنُ واضِحًا، وقد سبَق الكَلامُ عن كلِّ هذا مُفصَّلًا.

قالَ المرداويُّ : قالَ المَجدُ: يثبُتُ خيارُ الغَبنِ لِلمُسترسِلِ في الإجارةِ، كما في البَيعِ، إلَّا أنَّه إذا فسَخ وقد مَضى بَعضُ المُدَّةِ يُرجَعُ عليه بأُجرةِ المِثلِ لِلمُدَّةِ، لا بقِسطِه مِنْ المُسَمَّى؛ لأنَّه لو رُجِعَ عليه بذلك لَم يَستَدرِكْ ظُلامةَ الغَبنِ؛ فارَقَ ما لو ظهَر على عَيبٍ في الإجارةِ ففسَخ؛ فإنَّه يُرجَعُ عليه بقِسطِه مِنْ المُسَمَّى؛ لأنَّه يَستَدرِكُ ظُلامَتَه بذلك؛ لأنَّه يُرجَعُ بقِسطِه مِنها مَعيبًا، فيَرتَفِعُ عنه الضَّرَرُ بذلك.

وقالَ شَيخُ الإسلامِ: وإنْ دلَّس مُستَأجِرٌ على مُؤجِّرٍ وغيرِه حتى استَأجَرَه بدُونِ القيمةِ فلَه أُجرةُ المِثلِ (٣).


(١) رواه مسلم (١٥١٩).
(٢) رواه البخاري (٢١٤٢)، ومسلم (١٥١٦).
(٣) «الإنصاف» (٤/ ٣٩٧، ٣٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>