للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ البائِعِ أو المُشتَري؛ لأنَّ البائِعَ تَصرَّفَ في غيرِ مِلكِه والمُشتَري يُسقِطُ حَقَ البائِعِ مِنْ الخيارِ واستِرجاعِ المَبيعِ؛ فلَم يَصحُّ تَصرُّفه فيه، كالتَّصرُّفِ في الرَّهنِ، إلَّا أنْ يَكونَ الخيارُ لِلمُشتَري وَحدَه فيَنفُذَ تَصرُّفُه ويَبطُلُ خِيارُه، لأنَّه لا حَقَّ لِغيرِه فيه، وثُبوتُ الخيارِ له لا يَمنَعُ تَصرُّفَه فيه، كالمَعيبِ.

قالَ أحمدُ: إذا اشتَرطَ الخيارَ فباعَه قبلَ ذلك برِبحٍ، فالرِّبحُ لِلمُبتاعِ؛ لأنَّه قد وجَب عليه حينَ عرَضه، يَعني بطَل خِيارُه ولزِمه، وهذا واللَّهُ أعلَمُ فيما إذا شرَط الخيارَ له وَحدَه، وكذلك إذا قُلنا: إنَّ البَيعَ لا يَنقُلُ المِلْكَ، وكانَ الخيارُ لَهما، أو البائِعِ وَحدَه، فتَصرَّفَ فيه البائِعُ، نَفَذَ تَصرُّفُه وصَحَّ؛ لأنَّه مِلكُه، ولَه إبطالُ خيارِ غيرِه، وقالَ ابنُ أبي موسى: في تَصرُّفِ المُشتَري في المَبيعِ قبلَ التَّفرُّقِ ببَيعٍ أو هِبةٍ رِوايَتانِ:

إحداهما: لا يَصحُّ؛ لأنَّ في صِحَّتِه إسقاطَ حَقِّ البائِعِ مِنْ الخيارِ.

والأُخرى: هو مَوقوفٌ، فإنْ تَفرَّقا قبلَ الفَسخِ صَحَّ، وإنِ اختارَ البائِعُ الفَسخَ بطَل بَيعُ المُشتَري، قالَ أحمدُ في رِوايةِ أبي طالِبٍ: إذا اشتَرَى بشَرطٍ فباعَه برِبحٍ قبلَ انقِضاءِ الشَّرطِ يَرُدُّه إلى صاحِبِه إنْ طَلَبَه؛ فإنْ لَم يَقدِرْ على رَدِّه فلِلبائِعِ قيمةُ الثَّوبِ؛ لأنَّه استَهلَكَ ثَوبَه، أو يُصالِحُه.

فقَولُه: يَرُدُّه إنْ طَلَبَه يَدلُّ على أنَّ وُجوبَ رَدِّه مَشروطٌ بطَلَبِه، وقد رَوى البُخاريُّ عن ابنِ عمرَ أنَّه كانَ مع رَسولِ اللَّهِ في سَفَرٍ، فكانَ على بَكرٍ لِعمرَ صَعبٍ، فكانَ يَتقدَّمُ النَّبيَّ ، فيَقولُ أبوه: يا عَبدَ اللَّهِ، لا يَتقدَّمُ النَّبيَّ أحَدٌ. فقالَ له النَّبيُّ : «بِعنيه».

<<  <  ج: ص:  >  >>