وذهَب جُمهورُ العُلماءِ المالِكيَّةُ والشافِعيَّةُ والحَنابِلةُ في المَذهبِ وأبو يُوسفَ إلى أنَّ مَنْ له الخيارُ يَجوزُ له الفَسخُ، ولو بغيرِ حَضرةِ صاحِبِه ورِضاه؛ لأنَّه أحَدُ طَرَفَيِ الخيارِ، فلا يَتوقَّفُ على حُضورِ المُتعاقدَيْنِ، كالإجازةِ، ولأنَّه رَفعُ عَقدٍ لا يَفتقِرُ إلى رِضا صاحِبِه؛ فوجَب ألَّا يَفتقِرُ إلى حُضورِه، كما لو طَلَّقَ زَوجَتَه.
وعن الإمامِ أحمدَ في رِوايةِ أبي طالِبٍ: إنَّما يُملَكُ الفَسخُ برَدِّ الثَّمنِ إنْ فَسخَ البائِعُ وجَزَمَ به شَيخُ الإسلامِ، كالشَّفيعِ، وقالَ: وكذا التملُّكاتُ القَهريةُ، كأخذِ الغِراسِ والبِناءِ مِنْ المُستَعيرِ والمُستَأجِرِ بعدَ انقِضاءِ مُدَّةِ الإجارةِ.
وكأخذِه الزَّرعَ مِنْ الغاصِبِ إذا أدرَكَه رَبُّ الأرضِ قبلَ حَصادِه، قالَ المَرداويُّ: وهذا هو الصَّوابُ الذي لا يُعدَلُ عنه خُصوصًا في زَمَنِنا هذا.
وقد كَثُرتِ الحِيَلُ ويُحتمَلُ أنْ يُحمَلَ كَلامُ مَنْ أطلَقَ على ذلك (١).
وأمَّا الفَسخُ بالفِعلِ فقالَ عنه الحَنفيَّةُ: بأنْ يَكونَ الثَّمنُ عَينًا فيَتصرَّفَ فيها المُشتَري تَصرُّفَ المُلَّاكِ فيَنفسِخَ العَقدُ، سَواءٌ كانَ البائِعُ حاضِرًا أو غائِبًا.