وأمَّا إنْ تلِف المَبيعُ بعدَ القَبضِ في مُدَّةِ الخِيارِ؛ فهو مِنْ ضَمانِ المُشتَري، ويَبطِلُ خِيارُه، وفي خيارِ البائعِ رِوايَتانِ:
إحداهُما: يَبطُلُ، وهو اختيارُ الخِرَقيِّ وأبي بَكرٍ؛ لأنَّه خيارُ فَسخٍ؛ فبطَل بتَلَفِ المَبيعِ كخيارِ الرَّدِّ بالعَيبِ إذا تلِف المَعيبُ.
والرِّوايةُ الثانيةُ: لا يَبطُلُ، ولِلبائعِ أنْ يَفسخَ ويُطالِبَ المُشتَريَ بقيمَتِه، وهذا اختيارُ القاضي وابنِ عَقيلٍ؛ لقولِ النَّبيِّ ﷺ:«البَيِّعانِ بالخيارِ ما لَم يَتفَرَّقا».
ولأنَّه خيارُ فَسخٍ لَم يَبطُلْ بتَلَفِ المَبيعِ، كما لو اشتَرَى ثَوبًا بثَوبٍ فتلِف أحَدُهما ووجدَ الآخَرُ بالثَّوبِ عَيبًا؛ فإنَّه يَرُدُّه ويَرجِعُ بقيمةِ ثَوبِه، كذا هَهُنا … وخِيارُ المَجلِسِ وخِيارُ الشَّرطِ في هذا كُلِّه سَواءٌ.
وقالَ ابنُ قُدامةَ ﵀: وضَمانُ المَبيعِ على المُشتَري إذا قبَضه، ولَم يَكُنْ مَكيلًا أو مَوزونًا؛ فإنْ تلِف أو نقَص أو حَدَث به عَيبٌ في مُدَّةِ الخِيارِ فهو مِنْ ضَمانِه؛ لأنَّه مِلكُه، وغَلَّتُه له، فكانَ مِنْ ضَمانِه، كما كانَ بعدَ انقِضاءِ الخِيارِ، ومُؤنَتُه عليه (١).
(١) «المغني مع الشرح الكبير» (٤/ ١١)، و «شرح الزركشي» (٢/ ٨)، و «منار السبيل» (١/ ٣٦٨).