للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأظهَرِ إلى جَوازِ أنْ يَشتَرِطَ أحَدُ المُتعاقدَيْنِ الخيارَ لِأجنَبيٍّ، سَواءٌ وقَع الِاشتِراطُ مِنْ العاقِدَيْنِ أو مِنْ أحَدِهما، وسَواءٌ أكانَ الأجنَبيُّ المُشتَرَطُ له الخيارُ شَخصًا واحِدًا مُعيَّنًا مِنْ العاقِدَيْنِ كِلَيهما أو كانَ هناك عن كُلٍّ مِنهما شَخصٌ غيرُ مَنْ اشتَرطَه الآخَرُ، على ما نصَّ عليه الشافِعيَّةُ؛ لأنَّ الخيارَ جُعِلَ إلى شَرطِهما لِلحاجةِ، ورُبَّما دَعَتِ الحاجةُ إلى شَرطِه لِلأجنَبيِّ أنْ يَكونَ أعرَف بالمَتاعِ مِنهما، فلا يَجوزُ إلغاؤُه مع إمكانِ تَصحيحِه؛ لقولِ النَّبيِّ : «المُسلِمونَ على شُروطِهم» (١).

وفي لَفظٍ: «المُسلِمونَ عندَ شُروطِهم ما وافَقَ الحَقَّ مِنْ ذلك» (٢).

لكنَّ الحَنابِلةَ قالوا: هذا الحُكمُ جائِزٌ فيما لو أطلَقَ الخيارَ لِلأجنَبيِّ ولَم يَقُلْ: (دُوني)، أو قالَ له ولِلأجنَبيِّ، أمَّا لو قالَ مَنْ له الخِيارُ: أشتَرِطُ الخيارَ لِلأجنَبيِّ دُوني، لَم يَصحَّ الشَّرطُ على الصَّحيحِ مِنْ المَذهبِ؛ لأنَّ الخيارَ شُرِعَ لِتَحصيلِ الحَظِّ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْ المُتعاقدَيْنِ، فلا يَصحُّ جَعلُه لِمَنْ لا حَظَّ له فيه.

وظاهِرُ كلامِ الإمامِ أحمدَ أنَّه يَصحُّ أيضًا.

فعلى هذا يَكونُ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْ المُشتَرِطِ والأجنَبيِّ الذي شُرِطَ له الخيارُ في مُدَّةِ الخيارِ الإجازةُ أو الفَسخُ؛ فأيُّهما أجازَ جازَ، وأيُّهما فسَخ انفسخَ، ولا يَلزَمُ الأجنَبيَّ مُراعاةُ الأصلَحِ لِلشارِطِ.


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: تقدم.
(٢) رواه الدارقطني (٢٩٣٢)، والحاكم في «المستدرك» (٢/ ٥٧)، والبيهقي في «الكبرى» (١٤٢١٣) بإسناد ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>