للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَب الشافِعيَّةُ والحَنابِلةُ والظاهِريَّةُ إلى أنَّه إذا انعقَد البَيعُ ثبَت لِكُلِّ واحِدٍ مِنْ المُتبايِعَيْنِ الخِيارُ بينَ الفَسخِ والإمضاءِ، وإنْ لَم يَشتَرِطْه في البَيعِ إلى أنْ يَتفرَّقا مِنْ غيرِ إكراهٍ أو بالتَّخايُرِ مِنْ العاقِدَيْنِ بأنْ يَختارا لُزومَ العَقدِ بلَفظِ: تَخايَرْنا، أو اختَرْنا، أو غيرِه، كقَولِهما: أمضَيْنا العَقدَ، أو ألزَمْناه، أو أبطَلْنا الخِيارَ، أو أفسَدناه؛ لأنَّه حَقُّهما، فيَسقُطُ بإسقاطِهما، كخِيارِ الشَّرطِ، ولو اختارَ أحَدُهما لُزومَه سقَط حَقُّه مِنْ الخِيارِ، وبَقيَ الحَقُّ فيه لِلآخَرِ، كخِيارِ الشَّرطِ، كما هو مَذهبُ الحَنابِلةِ والصَّحيحُ عندَ الشافِعيَّةِ (١)؛ لِحَديثِ ابنِ عمرَ قالَ: قالَ رَسولُ اللَّهِ : «إذا تَبايَعَ الرَّجُلانِ فكلُّ واحِدٍ مِنهما بالخِيارِ ما لَم يَتفَرَّقا، وكانا جَميعًا، أو يُخيِّرُ أحَدُهما الآخَرَ، فإنْ خَيَّرَ أحَدُهما الآخَرَ فتَبايَعا على ذَلكِ فقد وجَب البَيعُ، وإنْ تَفرَّقا بعدَ أنْ تَبايَعا ولَم يَترُكْ واحِدٌ مِنهما البَيعَ فقد وجَب البَيعُ» (٢).

وعن ابنِ عمرَ قالَ: قالَ رَسولُ اللَّهِ : «البَيِّعانِ بالخِيارِ ما لَم يَتفَرَّقا، أو يَقولُ أحَدُهما لِصاحِبِه: اختَرْ، -ورُبَّما قالَ: - أو


= ابن بطال» (٦/ ٢٣٩)، و «حاشية الصاوي» (٦/ ٤٠٣)، و «شرح معاني الآثار» (٤/ ١٢، ١٩)، و «المبسوط» (١٣/ ١٥٦)، و «تبيين الحقائق» (٤/ ٣)، و «العناية» (٨/ ٣٧٧)، و «الاختيار» (٢/ ٥)، و «البحر الرائق» (٥/ ٢٨٤، ٢٨٥)، و «خلاصة الدلائل» (٢/ ٢٧)، و «مختصر الوقاية» (٢/ ٤١)، و «الجوهرة النيرة» (٣/ ٨)، و «اللباب» (١/ ٣٤٨)، و «حاشية ابن عابدين» (٤/ ٥٢٨).
(١) وفي قَولٍ عندَ الشافعِيَّةِ: لا يَبقى لِلآخرِ خِيارٌ لأنَّ خِيارَ المَجلسِ لا يتَبعَّضُ في الثُّبوتِ فلا يتَبعَّضُ في السُّقوطِ. «مغني المحتاج» (٢/ ٤٨٨).
(٢) رواه البخاري (٢٠٠٦)، ومسلم (١٥٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>