للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا تَفصيلُ هذه الأقوالِ عندَ فُقهاءِ المَذاهبِ الأربَعةِ:

قالَ الحَنفيَّةُ: نهَى النَّبيُّ عن بَيعٍ وشَرطٍ، وهذا على ثَلاثةِ أوْجُهٍ:

١ - في وَجْهٍ: البَيعُ والشَّرطُ كِلاهما جائِزانِ، كأنْ يَكونَ الشَّرطُ ممَّا يَرجِعُ إلى بَيانِ صِفةِ الثَّمنِ أو المَبيعِ؛ فصِفةُ الثَّمنِ أنْ يَبيعَ عَبدَه بألْفٍ على أنَّها نَقدُ بَيتِ المالِ، أو مُؤجَّلًا، وأمَّا صِفةُ المَبيعِ فهو أنْ يَبيعَ جاريةً على أنَّها طَبَّاخةٌ، أو خَبَّازةٌ، أو بِكرٌ، أو ثَيِّبٌ، أو عَبدًا على أنَّه كاتِبٌ؛ لأنَّ هذه شُروطٌ يَقتَضيها العَقدُ.

٢ - وفي وَجْهٍ: كِلاهما فاسِدانِ، كأنْ يَكونَ الشَّرطُ ممَّا لا يَقتَضيه العَقدُ، وفيه مَنفَعةٌ لِأحَدِ المُتعاقدَيْنِ، أو لِلمَعقودِ عليه، وهو مِنْ أهلِ الخُصومةِ، وليسَ لِلنَّاسِ فيه تَعامُلٌ، نَحوَ أنْ يَشتَريَ ثَوبًا بشَرطِ الخِياطةِ، أو حِنطةً بشَرطِ الحَمْلِ إلى مَنزِلِه، أو ثَمَرةً بشَرطِ الجِذاذِ على البائِعِ، أو رُطبةً بشَرطِ الجِذاذِ، فالبَيعُ فاسِدٌ؛ لأنَّ هذا شَرطٌ لا يَقتَضيه العَقدُ، وفيه مَنفَعةٌ لِلمُشتَري.

وكذا إذا كانَ الشَّرطُ فيه مَنفَعةٌ لِلبائِعِ، مثلَ أنْ يَشتَريَ دارًا بشَرطِ أنْ يَسكُنَها البائِعُ شَهرًا، أو أرضًا بشَرطِ أنْ يَزرَعَها البائِعُ سَنةً، أو دابَّةً بشَرطِ أنْ يَركَبَها، أو ثَوبًا بشَرطِ أنْ يَلبَسَه شَهرًا، أو بشَرطِ أنْ يُقرِضَه المُشتَرِي دَراهِمَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>