قالَ الشافِعيُّ ﵀: أصلُ ما أذهَبُ إليه أنَّ كُلَّ عَقدٍ كانَ صَحيحًا في الظَّاهِرِ لَم أُبطِلْه بتُهمةٍ ولا بعادةٍ بينَ المُتبايِعَيْنِ، وأجَزْتُه بصِحَّةِ الظَّاهِرِ، وأكرَهُ لَهما النِّيَّةَ إذا كانَتِ النِّيَّةُ لو أُظهِرَتْ تُفسِدُ البَيعَ، وكما أكرَهُ لِلرَّجُلِ أنْ يَشتَريَ السَّيفَ على أنْ يَقتُلَ به، ولا يَحرُمَ على بائِعِه أنْ يَبيعَه مِمَّنْ يَراه أنَّه يَقتُلُ به ظُلمًا؛ لأنَّه قد لا يَقتُلُ به، ولا أُفسِدُ عليه هذا البَيعَ، وكما أكرَهُ لِلرَّجُلِ أنْ يَبيعَ العِنَبَ مِمَّنْ يَراه أنَّه يَعصِرُه خَمرًا، ولا أُفسِدُ البَيعَ إذا باعَه إيَّاه؛ لأنَّه باعَه حَلالًا، وقد يُمكِنُ ألَّا يَجعَلَه خَمرًا أبَدًا، وفي صاحِبِ السَّيفِ ألَّا يَقتُلُ به أحَدًا أبَدًا، وكما أُفسِدُ نِكاحَ المُتعةِ ولو نَكَحَ رَجُلٌ امرَأةً بعَقدٍ صَحيحٍ وهو يَنوي ألَّا يُمسِكَها إلَّا يَومًا أو أقَلَّ، أو أكثَرَ، لَم أُفسِدِ النِّكاحَ، إنَّما أُفسِدُه أبَدًا بالعَقدِ الفاسِدِ (١).
وإنْ كانَ لا يَعلَمُ أنَّه سَيُقاتِلُ به، ولا ظَنَّ، ولَم يَعرِفْه مِنْ أهلِ الفِتنةِ، فلا بَأْسَ ببَيعِه له عندَ الحَنفيَّةِ والمالِكيَّةِ والشافِعيَّةِ والحَنابِلةِ؛ لأنَّ الغَلَبةَ في الأمصارِ لِأهلِ الصَّلاحِ.