وأمَّا بَيعُ السِّلاحِ في زَمَنِ الفِتنةِ بينَ المُسلِمينَ ووَقتِها، فهذا إمَّا أنْ يَكونَ بينَ المُسلِمينَ، وإمَّا أنْ يَكونَ بينَ المُسلِمينَ والبُغاةِ؛ فإنْ كانَ في فِتنةٍ بينَ المُسلِمينَ؛ فإمَّا أنْ يُعلَمَ أنَّ الذي سَيَشتَري السِّلاحَ سَيُقاتِلُ به، وإمَّا ألَّا يَعلَمَ ذلك.
فإنْ كانَ يَعلَمُ أنَّه سَيُقاتِلُ به في الفِتنةِ الحاصِلةِ بينَ المُسلِمينَ فجُمهورُ العُلماءِ الحَنفيَّةُ والمالِكيَّةُ والحَنابِلةُ قالوا: يَحرُمُ بَيعُه لَهم؛ لأنَّه مِنْ بابِ التَّعاوُنِ على الإثمِ والعُدوانِ، وذلك مَنهيٌّ عنه بقَولِ اللهِ تَعالى: ﴿وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ [المائدة: ٢]، ولِحَديثِ عِمرانَ بنِ حُصَينٍ قالَ: نهَى رَسولُ اللَّهِ ﷺ عَنْ بَيعِ السِّلاحِ في الفِتنةِ (١)، ولأنَّه عَقدٌ على عَينِ مَعصيةِ للَّهِ ﷾، فلَم يَصحَّ، ولأنَّ بَيعَ السِّلاحِ في أيَّامِ الفِتنةِ اكتِسابُ سَبَبِ تَهييجِها، وقد أُمِرْنا بتَسكينِها، قالَ ﷺ: «الفِتنةُ نائِمةٌ، لعَن اللَّهُ مَنْ أيقَظَها».
وقالَ الشافِعيَّةُ: يُكرَهُ ولا يَحرُمُ، والبَيعُ صَحيحٌ؛ لِأمرَيْنِ:
أحَدُهما: أنَّ المَعصيةَ ليسَتْ في الحالِ، وإنَّما هي مَظنونةٌ في ثاني الحالِ؛ فلَم يَمنَعْ صِحَّةَ البَيعِ في الحالِ.
والآخَرُ: أنَّه قد يَجوزُ ألَّا يَعصيَ اللَّهَ ﷾ به، وقد يُجاهِدُ بالسِّلاحِ في سَبيلِ اللَّهِ ﷾.
(١) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: أخرجه العقيلي في «الضعفاء» ص (٤٠١)، وابن عدي في «الكامل» (ق ٣٩/ ١)، وأبو عمرو الداني في «الفتن» (١٥٢/ ١)، والبيهقي (٥/ ٣٢٧).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute