للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كالقَرضِ والرَّهنِ والضَّمانِ والإجارةِ وإمضاءِ بَيعِ خِيارٍ؛ لأنَّ ذلك يَقِلُّ وُقوعُه، فلا تَكونُ إباحَتُه ذَريعةً إلى فَواتِ الجُمُعةِ أو بَعضِها، بخِلافِ البَيعِ.

واشتَرطَ العُلماءُ لِهذا النَّهيِ الذي اقتَضَى التَّحريمَ قُيودًا:

أ- أنْ يَكونَ المُشتغِلُ بالبَيعِ والشِّراءِ مِمَّنْ تَلزَمُه الجُمُعةُ عندَ جُمهورِ الفُقهاءِ الحَنفيَّةِ والمالِكيَّةِ في المَشهورِ والشافِعيَّةِ والحَنابِلةِ في المَذهبِ؛ فلا يَحرُمُ البَيعُ على المَرأةِ والصَّغيرِ والمَريضِ والمُسافِرِ؛ لأنَّ اللَّهَ إنَّما نهَى عنِ البَيعِ الذين أمَرَهم بالسَّعيِ؛ فغيرُ المُخاطَبِينَ بالسَّعيِ لا يَتناوَلُهم النَّهيُ، ولأنَّ تَحريمَ البَيعِ مُعلَّلٌ بما يَحصُلُ به مِنْ الِاشتِغالِ عنِ الجُمُعةِ، وهذا مَعدومٌ في حَقِّهم.

لكنْ قالَ المالِكيَّةُ: يُكرَهُ لِمَنْ لا تَجِبُ عليه الجُمُعةُ البَيعُ في وَقتِ الخُطبةِ والصَّلاةِ بالسُّوقِ مع مِثلِه؛ لِاستِبدادِهم بالرِّبحِ دونَ السَّاعينَ؛ فيَدخُلُ عليهم ضَرَرٌ؛ فمُنِعوا مِنه لِصَلاحِ العامَّةِ، وهذا إذا تَبايَعوا في الأسواقِ، وأمَّا غيرُ الأسواقِ فجائِزٌ لِلعَبيدِ والنِّساءِ والمُسافِرينَ أنْ يَتبايَعوا فيما بينَهم.

وعنِ الإمامِ أحمدَ أنَّه يَحرُمُ ولا يَصحُّ، وهو قَولٌ لِلمالِكيَّةِ.

وعنهُ: لا يَصحُّ مِنْ مَريضٍ ونَحوِه دونَ غيرِه.

ولو كانَ أحَدُ المُتعاقدَيْنِ مِمَّنْ تَلزَمُه الجُمُعةُ والآخَرُ لا تَلزَمُه فقد اختَلَفوا فيه، فقالَ الشافِعيَّةُ: يَصحُّ مع الحُرمةِ، وقالَ المالِكيَّةُ والحَنابِلةُ في المَذهبِ: يَحرُمُ ولا يَصحُّ. وقيلَ: يَصحُّ. وقيلَ: إنْ كانَ أحَدُهما مُخاطَبًا بها دونَ الآخَرِ حرُم على المُخاطَبِ وكُرِهَ لِلآخَرِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>