للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِوَقتِه؛ لأنَّ النَّهيَ لِمَعنًى مُجاوِرٍ لِلبَيعِ، لا في صُلبِه، ولا في شَرطِ صِحَّتِه، ولأنَّ النَّهيَ الوارِدَ لِمَعنًى مُجاوِرٍ لا يَقتَضي الفَسادَ.

وذهَب المالِكيَّةُ في المَشهورِ، والحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى فَسادِ البَيعِ، وأنَّه مَردودٌ؛ لأنَّ النَّهيَ يَقتَضي فَسادَ المَنهيِّ عنه، سَواءٌ كانَ لِذاتِ المَنهيِّ عنه أو لِوَقتِه، كالصَّومِ يَومَ العِيدِ؛ فكذلك العُقودُ.

وسَبَبُ اختِلافِهم -كما قُلْنا-: هلِ النَّهيُ عنِ الشَّيءِ الذي أصْلُه مُباحٌ إذا تَقيَّدَ النَّهيُ بصِفةٍ يَعودُ بفَسادِ المَنهيِّ عنه، كما ذهَب إليه المالِكيَّةُ والحَنابِلةُ، أو لا، كما ذهَب إليه الحَنفيَّةُ والشافِعيَّةُ؟

ثم اختلَف العُلماءُ: هل هذا يَشمَلُ البَيعَ وسائِرَ العُقودِ أو يَختَصُّ بالبَيعِ فَقط؟

فذهَب الحَنفيَّةُ والشافِعيَّةُ والحَنابِلةُ في قَولٍ إلى أنَّه يَحرُمُ البَيعُ ونَحوُه مِنْ سائِرِ العُقودِ والصَّنائِعِ وغيرِها ممَّا فيه تَشاغُلٌ عنِ السَّعيِ إلى الجُمُعةِ.

وقالَ المالِكيَّةُ: يَحرُمُ البَيعُ ونَحوُه مِنْ إجارةٍ وشَرِكةٍ وشُفعةٍ ونَحوِها عندَ الأذانِ الثَّاني، وتَستَمِرُّ الحُرمةُ إلى الفَراغِ مِنْ الصَّلاةِ، فإذا وقَع شَيءٌ مِنْ هذا عندَ الأذانِ الثَّاني فُسِخَ وتُرَدُّ السِّلعةُ لِرَبِّها، ولا يُفسَخُ إنْ وقَع قبلَه أو عندَ الأذانِ الأوَّلِ.

وأمَّا النِّكاحُ والهِبةُ والصَّدَقةُ والكِتابةُ فلا تُفسَخُ إنْ وَقَعتْ عندَ الأذانِ الثَّاني، وإنْ حرُم ذلك.

وقالَ الحَنابِلةُ في المَذهبِ: يَحرُمُ البَيعُ، ويَصحُّ النِّكاحُ وسائِرُ العُقودِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>