للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والرَّابِعُ: أنْ يَقولَ له: اشتَرِ سِلعةَ كذا بعَشَرةٍ نَقدًا، وأنا أبتاعُها مِنْكَ باثنَيْ عشَرَ؛ فهذا مَرجِعُ الأمْرِ فيه إلى أنَّ الآمِرَ استَأجَرَ المأْمورَ على أنْ يَبتاعَ له السِّلعةَ بدينارَيْنِ أُجرةً؛ فإنْ كانَ النَّقدُ مِنْ عِنْدِ الآمِرِ، أو مِنْ عِنْدِ المأْمورِ بغيرِ شَرطٍ فهو جائِزٌ، وإنْ كانَ مِنْ عِنْدِ المأْمورِ بشَرطٍ، كانَتْ إجارةً وسَلَفًا؛ لأنَّه استَأجَرَه بدينارَيْنِ على أنْ يَشتَريَ له السِّلعةَ ويَنقُدَ عنه؛ فتَكونَ له إجارةُ مِثلِه، إلَّا أنْ يَكونَ أكثَرَ مِنْ الدِّينارَيْنِ؛ فلا يُزادَ عليهما على مَذهبِ ابنِ القاسِمِ في البَيعِ والسَّلَفِ، وإذا كانَ السَّلَفُ مِنْ عِنْدِ البائِعِ وفاتَتِ السِّلعةُ فلِلبائِعِ الأقَلُّ مِنْ القِيمةِ أو الثَّمنِ، وإنْ قبَض السَّلَفَ، وتَكونُ له إجارةُ مِثلِه بالِغةً ما بَلَغتْ، وعلى مَذهبِ ابنِ حَبيبٍ في البَيعِ والسَّلَفِ إذا قبَض السَّلَفَ وفاتَتِ السِّلعةُ، ففيها القِيمةُ، بالِغةً ما بلَغتْ، والأصَحُّ ألَّا تَكونَ له أُجرةٌ؛ لأنَّا إنْ أعطَيناه الأُجرةَ كانَ الثَّمنُ ثَمَنًا لِلسَّلَفِ؛ فكانَ ذلك تَتميمًا لِلرِّبا الذي عَقَدا عليه، وهو قَولُ سَعيدِ بنِ المُسَيِّبِ، وهذه الأقوالُ الثَّلاثةُ إذا عُثِرَ على الآمِرِ بعدَ أنْ نقَد المأْمورَ الثَّمنَ وقبلَ أنْ يَحِلَّ الأجَلُ؛ لأنَّ السَّلَفَ -وإنْ كانَ حالًّا- لا بدَّ مِنْ الحُكمِ فيه بأجَلٍ، ولو عُثِرَ على الآمِرِ بعدَ أنِ ابتاعَ المَأمورُ السِّلعةَ، وقبلَ أنْ يَنقُدَ الثَّمنَ، كانَ النَّقدُ على الآمِرِ، ولَم يَكُنْ فيما يَجِبُ لِلمأْمورِ مِنْ الأُجرةِ إلَّا قَولانِ: أحَدُهما: أنَّ له الأُجرةَ بالِغةً ما بَلَغتْ، والآخَرُ: أنَّ له الأقَلَّ، ولو لَم يُعثَرْ على ذلك إلَّا بعدَ حُلولِ الأجَلِ لَم يَكُنْ فيما يَجِبُ لِلمأْمورِ مِنْ الأُجرةِ إلَّا قَولانِ: أحَدُهما: أنَّ له الأُجرةَ بالِغةً ما بَلَغتْ، والآخَرُ: أنَّه لا شَيءَ له.

<<  <  ج: ص:  >  >>