إحدى هذه المَسائِلِ: أنْ يَقولَ له: اشتَرِ سِلعةَ كذا بعَشَرةٍ نَقدًا، وأنا أشتَريها مِنْكَ باثنَيْ عشَرَ نَقدًا؛ فهذا أجازَه مالِكٌ مَرَّةً، إذا كانَتِ البَيعَتانِ بالنَّقدِ، وانتَقَدَ، وكَرِهَه مَرَّةً لِلمُراوَضةِ التي وَقَعتْ بينَهما في السِّلعةِ قبلَ أنْ تَصيرَ في مِلْكِ المَأْمورَ.
والثَّانيةُ: أنْ يَقولَ له: اشتَرِ سِلعةَ كذا بعَشَرةٍ نَقدًا، وأنا أبتاعُها مِنْكَ باثنَيْ عشَرَ إلى أجَلٍ؛ فهذا لا يَجوزُ، إلَّا أنَّه اختُلِفَ فيه إذا وقَع على قَولَيْنِ:
أحَدُهما: أنَّ السِّلعةَ لازِمةٌ لِلآمِرِ باثنَيْ عشَرَ إلى أجَلٍ، لأنَّ المَأْمورَ كانَ ضامِنًا لَها لو تَلِفتْ في يَدِه قبلَ أنْ يَبيعَها مِنْ الآمِرِ، ويُستحَبُّ له أنْ يَتورَّعَ فلا يَأخُذَ مِنه إلَّا ما نقَد فيها، وهو قَولُ ابنِ القاسِمِ في سَماعِ سَحنونٍ مِنْ كِتابِ البَضائِعِ والوَكالاتِ، ورِوايَتِه عن مالِكٍ.
والآخَرُ: أنَّ البَيعَ يُفسَخُ وتُرَدُّ السِّلعةُ إلى المَأْمورِ، إلَّا أنْ تَفوتَ، فتَكونَ فيه القِيمةُ مُعجَّلةً، كما يُفعَلُ في البَيعِ الحَرامِ؛ لأنَّه باعَه إيَّاها قبلَ أنْ يَجِبَ له، فيَدخُلُه بَيعُ ما ليسَ عندَكَ.
والثَّالثُ: عَكسُها، وهو أنْ يَقولَ له: اشتَرِ سِلعةَ كذا وكذا باثنَيْ عشَرَ إلى أجَلٍ، وأنا أبتاعُها مِنْكَ بعَشَرةٍ نَقدًا؛ فهذا لا يَجوزُ أيضًا، إلَّا أنَّه يَختلِفُ فيه إذا وقَع على القَولَيْنِ المَذكورَيْنِ، يَلزَمُ الآمِرَ السِّلعةُ بالعَشَرةِ نَقدًا.
ويُستحَبُّ له أنْ يَزيدَه الدِّينارَيْنِ على القَولِ الأوَّلِ، ويُفسَخُ البَيعُ على القَولِ الثَّاني، وتُرَدُّ السِّلعةُ إلى المأْمورِ، إلَّا أنْ تَفوتَ بيَدِ الآمِرِ، فتَكونَ عليه فيها القِيمةُ، كما يُفعَلُ في البَيعِ الحَرامِ على القَولِ الثَّاني، وهو قَولُ ابنِ حَبيبٍ.