للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ ابنُ عَبدِ البَرِّ : كانَ مالِكٌ يَقولُ: تَفسيرُ ذلك أهلُ الباديةِ وأهلُ القُرَى؛ فأمَّا أهلُ المَدائِنِ مِنْ أهلِ الرِّيفِ فإنَّه ليسَ بالبَيعِ لَهم بَأْسٌ مِمَّنْ يَرَى أنَّه يَعرِفُ السَّومَ، إلَّا مَنْ كانَ مِنهم يُشبِهُ أهلَ الباديةِ؛ فإنِّي لا أُحِبُّ أنْ يَبيعَ لَهم حاضِرٌ. وقالَ في البَدَويِّ: يَقدَمُ فيَسألُ الحاضِرَ عن السِّعرِ، أكرَهُ له أنْ يُخبِرَه، ولا بَأْسَ أنْ يَشتَريَ له، إنَّما يُكرَهُ أنْ يَبيعَ له؛ فأمَّا أنْ يُشترَطَ له فلا بَأْسَ. هذه رِوايةُ ابنِ القاسِمِ عنه، قالَ ابنُ القاسِمِ: ثم قالَ بَعدُ -يَعني مالِكًا-: ولا يَبيعُ مِصريٌّ لِمَدَنيِّ، ولا مَدَنيٌّ لِمِصريٍّ، ولكنْ يُشيرُ عليه.

وقالَ ابنُ وَهبٍ عن مالِكٍ: لا أرَى أنْ يَبيعَ الحاضِرُ لِلبادي، ولا لِأهلِ القُرَى. وقد حدَّثنا خَلَفُ بنُ القاسِمِ قالَ: حدَّثنا أحمدُ بنُ عَبدِ اللَّهِ بنِ مُحمَّدِ بنِ عَبدِ المُؤمِنِ قالَ: حدَّثنا المُفَضَّلُ بنُ مُحمَّدٍ الجُنديُّ قالَ: حدَّثنا عَلِيُّ بنُ زِيادٍ قالَ: حدَّثنا أبو قُرَّةَ قالَ: قُلتُ لِمالِكٍ: قَولُ النَّبيِّ : «لا يَبِعْ حاضِرٌ لِبادٍ»، ما تَفسيرُه؟ قالَ: لا يَبِعْ أهلُ القُرَى لِأهلِ الباديةِ سِلَعَهم. قُلتُ: فإنْ بَعَثَ بالسِّلعةِ إلى أخٍ له مِنْ أهلِ القُرَى، ولَم يَقدَمْ مع سِلعَتِه؟ قالَ: لا يَنبَغي لَه. قُلتُ له: ومَن أهلُ الباديةِ؟ قالَ: أهْلُ العَمودِ. قُلتُ لَهُ: القُرَى المَسكونةُ التي لا يُفارِقُها أهلُها يُقيمونَ فيها تَكونُ قُرًى صِغارًا في نَواحي المَدينةِ العَظيمةِ؛ فيَقدَمُ بَعضُ أهلِ تلك القُرَى الصِّغارِ إلى أهلِ المَدينةِ بالسِّلَعِ، فيَبيعُها لَهم أهلُ المَدينةِ. قالَ: نَعَمْ، إنَّما مَعنَى الحَديثِ أهْلُ العَمودِ. ورَوى أصبَغُ عن ابنِ القاسِمِ فيمَن فعَل ذلك مِنْ بَيعِ الحاضِرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>