المَوقوفَ على شُروطٍ يَزولُ بزَوالِ أحَدِها، وإنِ اجتَمَعتْ هذه الشُّروطُ فالبَيعُ حَرامٌ ويَبطُلُ.
وقد اختلَف العُلماءُ في المَقصودِ بهذا الحَديثِ، هل هذا النَّهيُ عامٌّ فيَشمَلَ أهلَ البَوادي والمَدائِنِ أو خاصٌّ بأهلِ الباديةِ دونَ غيرِهم؟
فجُمهورُ العُلماءِ يَرَوْنَ أنَّ هذا عامٌّ، ولا يَختَصُّ بالبَدَويِّ، فكلُّ وَرَّادٍ على مَحَلٍّ، ولو مَدَنيًّا، يَدخُلُ تَحتَ هذا الحَديثِ، وقَوله ﷺ:«لا يَبِعْ حاضِرٌ لِبادٍ»، إنَّما خرَج على الأعَمِّ في أنَّ أهلَ الباديةِ هُمْ الذين يَجلِبونَ إلى الحاضِرةِ؛ فالحاضِرُ ساكِنُ الحاضِرةِ، وهي المُدُنُ والقُرَى، والبادي ساكِنُ الباديةِ، وهي خِلافُ الحاضِرةِ، والتَّعبيرُ به جَرى على الأغلَبِ، وإلَّا فالمُرادُ أيُّ شَخصٍ، كما تَقدَّمَ.
أمَّا الإمامُ مالِكٌ فاختلَف قَولُه في أهلِ الباديةِ الذين لا يَجوزُ لِلحَضَريِّ أنْ يَبيعَ لَهم، على ثَلاثةِ أقوالٍ:
أحَدُها -وهو المَشهورُ-: أنَّهم أهْلُ العَمودِ خاصَّةً دونَ أهلِ القُرَى المَسكونةِ التي لا يُفارِقُها أهلُها.
والثَّالثُ: أنَّه لا يَجوزُ لِلحاضِرِ أنْ يَبيعَ لِلجالِبِ، وإنْ كانَ مِنْ أهلِ المُدُنِ والحَواضِرِ؛ فرَأى على هذا القَولِ أنَّ المَعنَى في النَّهيِ إنَّما هو على أنْ يَبيعَ الحاضِرُ لِلبادي، ولأنَّ قَولَه ﷺ:«لا يَبِعْ حاضِرٌ لِبادٍ»، إنَّما خرَج على الأعَمِّ في أنَّ أهلَ الباديةِ هُمْ الذين يَجلِبونَ إلى الحاضِرةِ.