للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنَّهيُ يَقتَضي الفَسادَ؛ لأنَّه خَديعةٌ؛ فإذا كانَ مَنهيًّا عنه كانَ باطِلًا؛ تَغليبًا لِحَقِّ اللَّهِ تَعالى في النَّهيِ.

ثُمَّ اختَلَفوا هل يثبُتُ له الخِيارُ أو لا، سَواءٌ أكانَ النَّجشُ بعِلمِ البائِعِ وأمْرِه ومُواطأتِه أم لا؟

فقالَ الحَنفيَّةُ والشافِعيَّةُ في الأصَحِّ: لا خِيارَ لِلمُشتَرِي في ذلك سَواءٌ أفعَله النَّاجِشُ بعِلمِ المُشتَرِي ومُواطأتِه له أم لا؛ لأنَّه ليسَ بعَيبٍ في المَبيعِ نَفْسِه، وإنَّما هي خَديعةٌ في الثَّمنِ؛ لأنَّ التَّفريطَ مِنه حيثُ اشتَرَى ما لا يُعرَفُ قِيمَتُه، وقد كانَ على المُشتَرِي أنْ يَتحفَّظَ ويُحضِرَ مَنْ يُميِّزُ إنْ لَم يَكُنْ هو يُميِّزُ.

وفي مُقابِلِ الأصَحِّ عندَ الشافِعيَّةِ إذا كانَ بمُواطأةٍ فله الخِيارُ.

وقالَ المالِكيَّةُ: مَنْ اشتَرَى سِلعةً بنُجوشةٍ فهو بالخِيارِ إذا عَلِمَ، إنْ شاءَ التَزَمَها بالثَّمنِ الذي كانَ اشتَراها به إنْ كانَتْ قائِمةً، وإنْ شاءَ رَدَّها، وإنْ فاتَتْ في يَدِه رُدَّتْ إلى القِيمةِ يَومَ القَبضِ وإنْ كانَتْ أقَلَّ مِنْ الثَّمنِ؛ لأنَّ النَّجشَ عَيبٌ مِنْ العُيوبِ؛ لأنَّ النَّبيَّ نهَى عن التَّصريةِ، ثم جعَل المُشتَريَ بالخِيارِ إذا عَلِمَ بأنَّها كانَتْ مُصَرَّاةً، ولَم يَقضِ بفَسادِ البَيعِ، ومَعلومٌ أنَّ التَّصريةَ غِشٌّ وخَديعةٌ، فكذلك النَّجشُ يَصحُّ فيه البَيعُ، ويَكونُ المُبتاعُ بالخِيارِ مِنْ أجْلِ ذلك قِياسًا ونَظَرًا.

وهذا إذا كانَ البائِعُ هو النَّاجِشَ، ولو كانَ بأمْرِه وإذْنِه أو بسَبَبِه، وإنْ لَم يَكُنْ شَيءٌ مِنْ ذلك وكانَ أجنَبيًّا لا يَعرِفُ فلا شَيءَ على البائِعِ، والإثْمُ على النَّاجِشِ، وأمَّا البَيعُ فهو صَحيحٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>