للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُخلَقْ؛ فوجَب أنْ يَكونَ في ضَمانِه مُخالِفًا لِسائِرِ المَبيعاتِ.

القَولُ الثَّاني: عَدَمُ وَضعِ الجائِحةِ مُطلَقًا: وهو قَولُ أبي حَنيفةَ والشافِعيِّ في الجَديدِ، واستَدَلُّوا بتَشبيهِ هذا البَيعِ بسائِرِ المَبيعاتِ، وأنَّ التَّخليةَ في هذا المَبيعِ هي القَبضُ.

وقد اتَّفَقوا على أنَّ ضَمانَ المَبيعاتِ بعدَ القَبضِ مِنْ المُشتَرِي، ومِن طَريقِ السَّماعِ أيضًا حَديثُ أبي سَعيدٍ الخُدريِّ قالَ: أُجيحَ رَجُلٌ في ثِمارٍ ابتاعَها، وكَثُرَ دَيْنُه؛ فقالَ رَسولُ اللَّهِ : «تَصَدَّقوا عليه»؛ فتُصُدِّقَ عليه، فلَم يَبلُغْ وَفاءَ دَيْنِه. فقالَ رَسولُ اللَّهِ : «خُذُوا ما وَجَدتُم، وليسَ لَكم إلَّا ذلك» (١)، قالوا: فلَم يَحكُمْ بالجائِحةِ.

وأيضًا فإنَّ أمْرَه إيَّاهم بالتَّصدُّقِ عليه وأمْرَ غُرَمائِه بأخْذِ ما وَجَدوا، لا يَدلُّ على وُجوبِ وَضعِ الجائِحةِ؛ إذ لو كانَتْ تُوضَعُ لَم يَفتقِرْ إلى أمْرِه إيَّاهم بالصَّدَقةِ عليه والأخْذِ، ويَكونُ الأمْرُ مَحمولًا على الِاستِحبابِ، أو فيما بِيعَ قبلَ بُدُوِّ الصَّلاحِ (٢).

القَولُ الثَّالثُ: التَّفريقُ؛ فيُوضَعُ الثُّلُثُ وما زادَ عليه، ولا يُوضَعُ أقَلُّ منه، وهذا قَولُ المالِكيَّةِ ورِوايةٌ عندَ الحَنابِلةِ؛ لقولِه : «الثُّلُثُ، والثُّلُثُ كَثيرٌ» (٣).


(١) مسلم (١٥٥٦).
(٢) «بداية المجتهد» (٢/ ١٤٠، ١٤٤)، و «الأم» للشافعي (٣/ ٥٨)، و «نيل الأوطار» (٥/ ٢٨١)، وباقي المصادر السابقة.
(٣) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>