للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ؛ لأنَّه إنَّما اشتَراها بَيعةً واحِدةً، وقبَضها قَبضًا واحِدًا (١).

فَخُلاصةُ ما قالَه العُلماءُ في هذا تَنحصِرُ في ثَلاثةِ أقوالٍ:

أحَدُها: وَضعُ الجائِحةِ مُطلَقًا، سَواءٌ ما زادَ على الثُّلُثِ، أو ما نقَص عنه، وهو مَذهبُ الحَنابِلةِ والشافِعيِّ في القَديمِ.

بِالإضافةِ إلى ما سبَق ذِكْرُه عن المالِكيَّةِ في الثِّمارِ وفيما زادَ على الثُّلُثِ.

واستَدَلُّوا بوَضعِ الجائِحةِ بحَديثِ جابرٍ : أنَّ رَسولَ اللَّهِ قالَ: «مَنْ باعَ ثَمَرًا فأصابَتْه جائِحةٌ فلا يَأخُذْ مِنْ أخيه شَيئًا، عَلَامَ يَأخُذُ أحَدُكم مالَ أخيهِ؟» (٢).

وما رُويَ عنه أنَّه قالَ: أمرَ رَسولُ اللَّهِ بوَضعِ الجَوائِحِ (٣).

فعُمدةُ مَنْ أجازَ الجَوائِحَ حَديثا جابرٍ هَذانِ، وقياسُ الشَّبَهِ أيضًا، وذلك أنَّهم قالوا: إنَّه مَبيعٌ بَقيَ على البائِعِ فيه حَقُّ تَوفيةٍ، بدَليلِ ما عليه مِنْ سَقْيِه إلى أنْ يَكمُلَ؛ فوجَب أنْ يَكونَ ضَمانُه مِنه، أصْلُه سائِرُ المَبيعاتِ التي بَقيَ فيها حَقُّ تَوفيةٍ.

والفَرقُ عندَهم بينَ هذا المَبيعِ وبينَ سائِرِ البُيوعِ أنَّ هذا بَيعٌ وقَع في الشَّرعِ، والمَبيعُ لَم يَكمُلْ بَعدُ؛ فكَأنَّه مُستَثنًى مِنْ النَّهيِ عن بَيعِ ما لَم


(١) «الأم» للشافعي (٣/ ٥٩).
(٢) سبَق تخريجُه.
(٣) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>