للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ذكَر ابنُ جُزَيٍّ أنَّه إذا كانَ المَبيعُ مِنْ الثِّمارِ أجناسًا مُختلِفةً، كالعِنَبِ والتِّينِ، في صَفقةٍ واحِدةٍ فأصابَتِ الجائِحةُ صِنفًا مِنها وسَلِمَ سائِرُها، فجائِحةُ كلِّ جِنسٍ مُعتبَرةٌ بنَفْسِه؛ فإنْ بَلَغتْ ثُلُثَه وُضِعَتْ، وإنْ قَصُرتْ عنه لَم تُوضَعْ.

وقالَ أصبَغُ : يُعتبَرُ الجُملةُ؛ فإنْ كانَتِ الجائِحةُ ثُلُثَ الجَميعِ وُضِعَتْ، وإلَّا فلا (١).

ولو اشتَرطَ البائِعُ عندَ بَيعِ الثَّمرِ ألَّا يَضَعَ الجائِحةَ عنِ المُشتَرِي إنْ حَصَلتْ، فإنَّه يَكونُ عندَ المالِكيَّةِ شَرطًا فاسِدًا، ولو فيما عادَتُه أنْ يُجاحَ، ويَصحُّ العَقدُ لِنُدرةِ الجائِحةِ، وكذا لو شرَط البائِعُ ذلك لِنَفْسِه بعدَ العَقدِ. وإذا فسَد الشَّرطُ فلا يُقابِلُه مِنْ الثَّمنِ شَيءٌ.

وقالَ أبو الحَسَنِ: يَفسُدُ العَقدُ بذلك الشَّرطِ، أي: لِزِيادةِ الغَرَرِ (٢).

وذهَب الحَنابِلةُ والشافِعيُّ في القَديمِ إلى وَضْعِ الجَوائِحِ في الثِّمارِ.

قالَ الحَنابِلةُ: هو في القَليلِ والكَثيرِ، إلَّا أنَّ الشَّيءَ التَّافِهَ لا يُلتَفَتُ إليه؛ فإذا تلِف شَيءٌ له قَدْرٌ خارِجٌ عن العادةِ وُضِعَ مِنْ الثَّمنِ بقَدْرِ الذَّاهِبِ؛ فإنْ تلِف الجَميعُ بطَل العَقدُ، ورجَع المُشتَرِي بجَميعِ الثَّمنِ.

وفي رِوايةٍ أُخرَى: أنَّ ما كانَ يُعَدُّ دونَ الثُّلُثِ فهو مِنْ ضَمانِ المُشتَرِي، ولا يُوضَعُ عن البائِعِ شَيءٌ، ويُعتبَرُ ثُلُثُ المَبلَغِ (المِقدارِ)، وقيلَ: ثُلُثُ


(١) «الزرقاني» (٥/ ١٩٣، ١٩٦).
(٢) «الشرح الكبير» الدسوقي (٣/ ١٥٨)، و «الشرح الصغير» (٣/ ٢٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>