للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنَّما اعتُبِرَ الثُّلُثَ لأنَّ الثُّلُثَ فَرقٌ بينَ القَليلِ والكَثيرِ، كما ورَد في الوَصيَّةِ في قَولِه : «الثُّلُثُ والثُّلُثُ كَثيرٌ» (١).

الثَّاني: البُقولُ والأُصولُ المُغَيَّبةُ، ممَّا الغَرَضُ في أعيانِها دونَ ما يَخرُجُ مِنها؛ ففيها رِوايَتانِ:

إحداهُما: انتِفاءُ وَضْعِ الجَوائِحِ فيها، والثَّانيةُ: إثباتُ حُكمِ الجائِحةِ فيها.

فعلى القَولِ بإثباتِ حُكمِ الجائِحةِ فيها هل يُعتبَرُ فيها الثُّلُثُ أو لا؟ رَوى ابنُ القاسِمِ عن مالِكٍ: أنَّ الجائِحةَ تُوضَعُ فيها، قَليلَها وكَثيرَها، بَلَغتِ الثُّلُثَ أو قَصُرتْ عنه، وفي المُدوَّنةِ عن ابنِ القاسِمِ عن مالِكٍ: إلَّا أنْ يَكونَ التَّالِفُ شَيئًا تافِهًا، ورَوى عَلِيُّ بنُ زِيادٍ عنه: لا يُوضَعُ مِنْ جائِحَتِها إلَّا ما بلَغ الثُّلُثَ.

الثَّالثُ: هو نَوعٌ جَرى مَجرَى البُقولِ في أنَّ أصْلَه مَبيعٌ مع ثَمَرَتِه، ويَجري مَجرَى الأشجارِ في أنَّ المَقصودَ مِنه ثَمَرَتُه، كالقِثَّاءِ، والبِطِّيخِ، والقَرْعِ، والباذِنجانِ، والفُولِ، والجُلبانِ؛ فهذا النَّوعُ يُعتبَرُ في جائِحَتِه الثُّلُثُ على رِوايةِ ابنِ القاسِمِ، وعليه جَميعُ المالِكيَّةِ.

ووَجْهُه أنَّ المَقصودَ مِنْ البَيعِ الثَّمرةُ؛ فوجَب أنْ يَكونَ حُكمُها حُكمَ سائِرِ الثِّمارِ، وقالَ أشهَبُ في كِتابِ ابنِ المَوَّازِ: المَقاثي، كالبَقلِ تُوضَعُ الجائِحةُ فيها، قَليلِها وكَثيرِها، دونَ اعتِبارِ الثُّلُثِ. ووَجْهُه أنَّ هذا نَباتٌ ليسَ له أصْلٌ ثابِتٌ، فلَم يُعتبَرْ فيه الثُّلُثُ، كالبُقولِ (٢).


(١) أخرجه البخاري (٢٥٩٢)، ومسلم (١٦٢٨).
(٢) «المنتقى» (٤/ ٢٣٥)، و «القوانين الفقهية»، و «بداية المجتهد» (٢/ ٢٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>