وأمَّا العَرايا فهي أنْ يَخرُصَ الخارِصُ نَخَلاتٍ فيَقولَ: هذا الرُّطَبُ الذي عليها إذا يَبِسَ تَجيءُ مِنه ثَلاثةُ أوسُقٍ مِنْ التَّمرِ مَثَلًا؛ فيَبيعَه صاحِبُه لِإنسانٍ بثَلاثةِ أوسُقِ تَمرٍ، ويَتقابَضا في المَجلِسِ؛ فيُسلِّمُ المُشتَرِي التَّمرَ ويُسلِّمُ بائِعُ الرُّطَبِ الرُّطَبَ بالتَّخليةِ، وهذا جائِزٌ فيما دونَ خَمسةِ أوسُقٍ، ولا يَجوزُ فيما زادَ على خَمسةِ أوسُقٍ، وفي جَوازِه في خَمسةِ أوسُقٍ قَولانِ لِلشافِعيِّ، أصَحُّهما: لا يَجوزُ؛ لأنَّ الأصلَ تَحريمُ بَيعِ التَّمرِ بالرُّطَبِ، وجاءَتِ العَرايا رُخصةً، وشَكَّ الرَّاوي في خَمسةِ أوسُقٍ أو ما دُونَها، فوجَب الأخْذُ باليَقينِ، وهو دونَ خَمسةِ أوسُقٍ، وبَقيتِ الخَمسةُ على التَّحريمِ، والأصَحُّ أنَّه يَجوزُ ذلك لِلفُقَراءِ والأغنياءِ، وأنَّه لا يَجوزُ في غيرِ الرُّطَبِ والعِنَبِ مِنْ الثِّمارِ، وفيه قَولٌ ضَعيفٌ: أنَّه يَختَصُّ بالفُقَراءِ، والقَولُ بأنَّه لا يَختَصُّ بالرُّطَبِ والعِنَبِ هذا تَفصيلُ مَذهبِ الشافِعيِّ في العُريةِ، وبه قالَ أحمدُ وآخَرونَ، وتَأوَّلَها مالِكٌ وأبو حَنيفةَ على غيرِ هذا، وظَواهِرُ الأحاديثِ تَرُدُّ تَأويلَها (١).
وقالَ في «المَجموعِ»: ثَبَتتِ الأحاديثُ الصَّحيحةُ أنَّ رَسولَ اللَّهِ ﷺ نهَى عن المُحاقَلةِ، قالَ العُلماءُ: المُحاقَلةُ بَيعُ الحِنطةِ في سُنبُلِها بكَيلٍ مَعلومٍ مِنْ الحِنطةِ، واتَّفق العُلماءُ على بُطلانِها، ولَه عِلَّتانِ مع الحَديثِ:
إحداهُما: أنَّه بَيعُ حِنطةٍ وتِبنٍ بحِنطةٍ، وذلك رِبًا.
والأُخرى: أنَّه بَيعُ حِنطةٍ في سُنبُلِها؛ فلو باعَ شَعيرًا في سُنبُلِه بحِنطةٍ
(١) «شرح صحيح مسلم» (١٠/ ١٨٨، ١٨٩).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute