للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والفَحلُ لُغةً: الذَّكَرُ مِنْ كلِّ حَيَوانٍ (١).

قالَ الإمامُ البَغَويُّ : والمُرادُ مِنْ النَّهيِ هو الكِراءُ الذي يُؤخَذُ على ضِرابِه، كما صرَّح في حَديثِ جابرٍ أنَّه نهَى عن بَيعِ ضِرابِ الجَمَلِ؛ فعَبَّرَ بالعَسبِ عن الكِراءِ، لأنَّه سَبَبٌ فيه؛ إذ الضِّرابُ والإنزاءُ نَفْساهما غيرُ حَرامٍ؛ لأنَّ بَقاءَ النَّسلِ فيهما، وقيلَ: العَسبُ هو الكِراءُ الذي يُؤخَذُ على الضِّرابِ، يُقالُ: عَسَبتُ الرَّجُلَ أعسَبُه عَسْبًا: إذا أعطَيتُه الكِراءَ على ذلك، وأرادَ به أنَّه لو استَأجَرَ فَحلًا لِلإنزاءِ لا يَجوزُ؛ لِما فيه مِنْ الغَرَرِ؛ لأنَّ الفَحلَ قد يَضرِبُ وقد لا يَضرِبُ، وقد تُلقَّحُ الأُنثَى وقد لا تُلقَّحُ، وقد ذهَب إلى تَحريمِه أكثَرُ الصَّحابةِ والفُقهاءِ … أمَّا إعارةُ الفَحلِ لِلإنزاءِ وإطراقِه؛ فلا بَأْسَ بها، ثم لو أكرَمَه المُستَعيرُ بشَيءٍ يَجوزُ له قَبولُ كَرامَتِه (٢).

وقالَ الكاسانيُّ : ولا يَجوزُ استِئجارُ الفَحلِ لِلضِّرابِ؛ لأنَّ المَقصودَ مِنه النَّسلُ، وذلك بإنزالِ الماءِ، وهو عَينٌ، وقد رُويَ عن رَسولِ اللَّهِ أنَّه نهَى عن عَسبِ الفَحلِ، أي: كِرائِه؛ لأنَّ العَسبَ في اللُّغةِ -وإنْ كانَ اسمًا لِلضِّرابِ- لا يُمكِنُ حَملُه عليه؛ لأنَّ ذلك ليسَ بمَنهيٍّ عنه؛ لِما في النَّهيِ عنه مِنْ قَطعِ النَّسلِ، فكانَ المُرادُ مِنه كِراءَ عَسبِ الفَحلِ، إلَّا أنَّه حَذَفَ الكِراءَ وأقامَ العَسبَ مَقامَه، كما في قَولِ اللهِ : ﴿وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ﴾ [يوسف: ٨٢]، ونَحوِ ذلك (٣).


(١) «لسان العرب» (١١/ ٥١٦).
(٢) «شرح السنة» (٨/ ١٣٨).
(٣) «بدائع الصنائع» (٤/ ١٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>