والغَرَضِ، لا الزِّيادةُ في السَّلَفِ، وأيضًا فمَعَ اختِلافِ الجِنسِ ليسَ القَصدُ إلَّا المَنافِعَ؛ لأنَّها التي تُملَكُ، وأمَّا الذَّواتُ فلا يَملِكُها إلَّا خالِقُها ﷾، وإنْ كانَتِ المَنافِعُ هي المَقصودةَ مِنْ دابَّةِ الحَملِ، والمَقصودُ مِنْ آخَرَ مِنْ جِنسِها الجَريَ، صارَ ذلك بمَنزِلةِ دابَّةٍ وثَوبٍ، فإنِ اتَّفَقتْ مَنافِعُ الجِنسِ لَم يَجُزْ؛ لأنَّه إنْ قدَّم الأقَلَّ سَلَفٌ بزِيادةٍ، وإنْ قدَّم الأكثَرَ فضَمانٌ يُجعَلُ؛ لأنَّه أعطاه أحَدَ الثَّوبَيْنِ على أنْ يَكونَ الآخَرُ في ذِمَّتِه إلى أجَلٍ، وسَلَّفَه لِيَنتفِعَ بالضَّمانِ، وهو مَمنوعٌ؛ فلَو تَحقَّقَ السَّلَفُ دونَ مَنفَعةٍ ليسَتْ مُحقَّقةً ولا مُقدَّرةً جازَ.
ولا بَأْسَ بأنْ تَبيعَ ما اشتَرَيتَ مِنها قبلَ أنْ تَستَوفيَه مِنْ غيرِ الذي اشتَرَيتَه مِنهُ؛ لِاختِصاصِ النَّهيِ بالطَّعامِ، كما هو صَريحُ الأحاديثِ إذا انتَقَدتَ ثَمَنَه، لا بمُؤجَّلٍ.
ومن سَلَّفَ في شَيءٍ مِنْ الحَيَوانِ إلى أجَلٍ مُسَمًّى فوصَفه وحَلَّاه، أي: وَصْفَه، فالعَطفُ مُساوٍ، ونَقْدُ ثَمَنِه، فذلك جائِزٌ، وهو لازِمٌ لِلبائِعِ والمُبتاعِ على ما وَصَفا، وحَلَّيَا، ولَم يَزَلْ ذلك مِنْ عَمَلِ النَّاسِ الجائِزِ بينَهم، الَّذي لَم يَزَلْ عليه أهلُ العِلمِ ببَلَدِنا المَدينةِ (١).
وقالَ ابنُ القيِّمِ ﵀ بعدَما ذكَر الأحاديثَ التي ذَكَرتُها في المَسألةِ-: ولِلنَّاسِ في هذه الأحاديثِ والتَّأليفِ بينَها ثَلاثةُ مَسالِكَ:
(١) «الموطأ» (٢/ ٦٥٢)، و «المدونة الكبرى» (٩/ ٢٥)، و «الاستذكار» (٦/ ٤١٤، ٤١٦)، و «الكافي» (١/ ٣١٨)، و «شرح الزرقاني» (٣/ ٣٨٢، ٣٨٣)، و «شرح ميارة» (٢/ ١١٨)، و «مواهب الجليل» (٦/ ١٧١)، و «الفروق» (٣/ ٤١٧، ٤١٨).