الحَيَوانِ باللَّحمِ كبَيعِ اللَّحمِ المُغيَّبِ في جِلدِه بلَحمٍ، إذا كانا مِنْ جِنسٍ واحِدٍ، قالَ: وإذا اختلَف الجِنسانِ فلا خِلافَ عن مالِكٍ وأصحابِه أنَّه جائِزٌ حينَئذٍ بَيعُ اللَّحمِ بالحَيَوانِ.
وأمَّا أهلُ الكُوفةِ -كأبي حَنيفةَ وأصحابِه- فلا يَأخُذونَ بهذا الحَديثِ، ويُجوِّزونَ بَيعَ اللَّحمِ بالحَيَوانِ مُطلَقًا.
وأمَّا أحمدُ فيَمنَعُ بَيعَه بحَيَوانٍ مِنْ جِنسِه، ولا يَمنَعُ بَيعَه بغيرِ جِنسِه، وإنْ منَعه بَعضُ أصحابِه.
وأمَّا الشافِعيُّ فيَمنَعُ بَيعَه بجِنسِه، وبِغيرِ جِنسِه، ورَوى الشافِعيُّ عن ابنِ عَبَّاسٍ ﵁ أنَّ جَزورًا نُحِرتْ على عَهدِ أبي بَكرٍ الصَّدِّيقِ ﵁ فقُسِّمتْ على عَشَرةِ أجزاءٍ، فقالَ رَجُلٌ: أعطُوني جُزءًا مِنها بشاةٍ، فقالَ أبو بَكرٍ ﵁: لا يَصلُحُ هذا. قالَ الشافِعيُّ: ولَستُ أعلَمُ لِأبي بَكرٍ في ذلك مُخالِفًا مِنْ الصَّحابةِ.
والصَّوابُ في هذا الحَديثِ -إنْ ثبَت- أنَّ المُرادَ به إذا كانَ الحَيَوانُ مَقصودًا لِلَحمٍ، كشاةٍ يُقصَدُ لَحمُها، فتُباعُ بلَحمٍ، فيَكونُ قد باعَ لَحمًا بلَحمٍ أكثَرَ مِنه مِنْ جِنسٍ واحِدٍ، واللَّحمُ قُوتٌ مَوزونٌ فيَدخُلُه رِبا الفَضلِ، وأمَّا إذا كانَ الحَيَوانُ غيرَ مَقصودٍ به اللَّحمُ، كما إذا كانَ غيرَ مَأْكولٍ، أو مَأكولًا لا يُقصَدُ لَحمُه، كالفَرَسِ تُباعُ بلَحمِ إبِلٍ، فهذا لا يَحرُمُ بَيعُه به، بَقيَ ما إذا كانَ الحَيَوانُ مَأكولًا لا يُقصَدُ لَحمُه، وهو مِنْ غيرِ جِنسِ اللَّحمِ، فهذا يُشبِهُ المُزابَنةَ بينَ الجِنسَيْنِ، كبَيعِ صُبرةِ تَمرٍ بصُبرةِ زَبيبٍ، وأكثَرُ الفُقهاءِ لا يَمنَعونَ مِنْ ذلك؛ إذْ غايَتُه التَّفاضُلُ بينَ الجِنسَيْنِ، والتَّفاضُلُ المُتحقَّقُ جائِزٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute