للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقِيمةِ مُتلَفٍ، ونَحوِ ذلك لِمَنْ هو في ذِمَّتِه بشَرطِ أنْ يَقبِضَ عِوَضَه في المَجلِسِ، هذا إذا كانَ ممَّا لا يُباعُ به نَسيئةً، أو بمَوصوفٍ في الذِّمَّةِ اشتُرِطَ قَبضُ عِوَضِه في المَجلِسِ، بلا نِزاعٍ، وإنْ كانَ بغيرِهِما ممَّا لا يُشترَطُ فيه التَّقابُضُ مثلَما لو قالَ: بِعتُكَ الشَّعيرَ الذي في ذِمَّتِكَ بمِئةِ دِرهَمٍ أو بهذا العَبدِ أو الثَّوبِ ونَحوِه؛ فلا يُشترَطُ لِلصِّحَّةِ قَبضُ العِوَضِ في المَجلِسِ.

ولا يَجوزُ بَيعُ الدَّينِ المُستقِرِّ لِغيرِ مَنْ هو في ذِمَّتِه، وهو الصَّحيحُ مِنْ المَذهبِ، كما لا تَصحُّ هِبةُ الدَّينِ لِغيرِ مَنْ هو في ذِمَّتِهِ؛ لأنَّ الهِبةَ تَقتَضي وُجودَ مُعيَّنٍ، وهو مُنتَفٍ هُنا، كما يَصحُّ بَيعُ الدَّينِ غيرِ المُستقِرِّ، كأُجرةِ عَقارٍ قبلَ مُضِيِّ مُدَّةِ الإيجارِ، ومَهرٍ قبلَ دُخولٍ بالمَرأةِ، ومُسلَّمِ فيه قبلَ القَبضِ.

وعن الإمامِ أحمدَ رِوايةٌ أنَّه يَصحُّ بَيعُ الدَّينِ المُستقِرِّ في ذِمَّةِ الغيرِ، لِغيرِ مَنْ هو في ذِمَّتِه، واختارَ هذا القَولَ شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميَّةَ (١).

وقالَ شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميَّةَ : يَجوزُ بَيعُ الدَّينِ في الذِّمَّةِ مِنْ الغَريمِ وغيرِه، ولا فَرقَ بينَ دَينِ السَّلَمِ وغيرِه، وهو رِوايةٌ عن أحمدَ (٢).

وقالَ الإمامُ ابنُ رَجَبٍ الحَنبَليُّ : بَيعُ الصِّكاكِ قبلَ قَبضِها -وهي الدُّيونُ الثَّابِتةُ على النَّاسِ، وتُسَمَّى صِكاكًا لأنَّها تُكتَبُ في صِكاكٍ، وهي ما يُكتَبُ فيه مِنْ الرِّقِّ ونَحوِه، فيُباعُ ما في الصَّكِّ- فإنْ كانَ الدَّينُ نَقدًا


(١) «الإنصاف» (٥/ ١١٠)، و «المبدع» (٤/ ١٥٠)، و «الفروع» (٤/ ١٣٩)، و «كشف المخدرات» (١/ ٣٩٨، ٣٩٩)، و «المغني» (٤/ ٩٥)، و «الشرح الكبير» (٤/ ٣٤٢)
(٢) «الفتاوى الكبرى» (٤/ ٤٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>