للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد اختلَف العُلماءُ في حُكمِ بَيعِ العُربونِ على ثَلاثةِ أقوالٍ:

القَولُ الأوَّلُ: وهو قَولُ جُمهورِ الفُقهاءِ الحَنفيَّةِ والمالِكيَّةِ والشافِعيَّةِ وأحمدَ في رِوايةٍ اختارَها أبو الخطَّابِ أنَّه لا يَصحُّ بَيعُ العُربونِ؛ لِمَا رُويَ عن عَمرِو بنِ شُعَيبٍ، عن أبيه، عن جَدِّه ، أنَّ رَسولَ اللَّهِ : نهَى عن بَيعِ العُربانِ (١). والعُربانِ مَردودٌ إلى صاحِبِه؛ لأنَّه مِنْ أكْلِ أموالٍ النَّاسِ بالباطِلِ، ويُفسَخُ البَيعُ، فإنْ فاتَ مَضَى بالقِيمةِ، ويُحسَبُ مِنها العُربونُ، كما يَقولُ المالِكيَّةُ.

ولأنَّ فيه شَرطَيْنِ فاسِدَيْنِ: شَرطَ الهِبةِ. وشَرطَ الرَّدِّ، على تَقديرِ ألَّا يَرضَى (٢).

ولأنَّه شرَط لِلبائِعِ شَيئًا بغيرِ عِوَضٍ لَم يَصحَّ، كما لو شرَطه لِأجنَبيٍّ.

ولأنَّه بمَنزِلةِ الخِيارِ المَجهولِ؛ فإنَّه اشتَرطَ أنَّ له رَدَّ المَبيعِ مِنْ غيرِ ذِكرِ مُدَّةٍ، فلَم يَصحَّ، كما لو قالَ: وَلِيَ الخِيارُ مَتَى شِئتُ رَدَدتُ السِّلعةَ ورَدَدتُ معها دِرهَمًا (٣).

قالَ الإمامُ الشَّوكانيُّ : وحَديثُ البابِ يَدلُّ على تَحريمِ البَيعِ مع العُربانِ، وبه قالَ الجُمهورُ، وخالَفَ في ذلك أحمدُ، فأجازَه، ورُويَ نَحوُه عن عمرَ وابنِه .


(١) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: رواه مالك في «الموطأ» (٢٢٥٧)، وأبو داود (٣٥٠٢)، وابن ماجه (٢١٩٢).
(٢) «مغني المحتاج» (٢/ ٤٧٩)، و «نهاية المحتاج» (٣/ ٥٤٧)، و «الديباج» (٢/ ٥٤).
(٣) «المغني» (٤/ ١٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>