للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باتِّفاقِهم لَأنكَروه، أو بَعضُهم، ولأنَّ ما جازَ الِانتِفاعُ به مِنْ غيرِ ضَرورةٍ جازَ بَيعُه، كَسائِرِ الأموالِ.

وَلا يَنعقِدُ بَيعُ العُذرةِ الخالِصةِ؛ لأنَّه لا يُباحُ الِانتِفاعُ بها بحالٍ، فلا تَكونُ مالًا إلَّا إذا كانَ مَخلوطًا بالتُّرابِ، والتُّرابُ غالِبٌ، فيَجوزُ بَيعُه؛ لأنَّه يَجوزُ الِانتِفاعُ به (١).

وقالَ الشافِعيَّةُ: لا يَجوزُ بَيعُ العُذرةِ ولا السِّرجينِ، وهو زِبلُ البَهائِمِ المَأكولةِ وغيرِها، وثَمَنُه حَرامٌ؛ لأنَّه نَجِسٌ، فلَم يَجُزْ بَيعُه، كالمَيْتةِ، ولِحَديثِ ابنِ عَبَّاسٍ أنَّ النَّبيَّ قالَ: «لعَن اللَّهُ اليَهودَ، حرَّم عليهم الشُّحومَ فباعوها فأكَلوا أثمانَها، وإنَّ اللَّهَ إذا حرَّم على قَومٍ شَيئًا حرَّم عليهم ثَمَنَه» (٢)، ولأنَّ الزِّبلَ نَجِسُ العَينِ لَم يَجُزْ بَيعُه، كالعُذرةِ.

وَرَدُّوا على الحَنفيَّةِ بأنَّ ما ذَكَروه ليسَ باجماعٍ؛ لأنَّ الإجماعَ اتِّفاقُ أهلِ العِلمِ، ولَم يُوجَدْ، وإنَّما يَفعَلُه الجَهَلةُ والأراذلُ؛ فلا يَكونُ ذلك حُجَّةً في دِينِ الإسلامِ (٣).


(١) «البدائع» (٦/ ٥٦٢)، و «الاختيار» (٢/ ١١)، و «الجوهرة النيرة» (٣/ ١٥٥)، و «الهداية» (٤/ ٩١)، و «البحر الرائق» (٥/ ٢٨٠)، و «تنقيح الفتاوى» الحامدية (٦/ ٤٦٩).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه الإمام أحمد في «المسند» (٢٩٦٤)، وأبو دادود في «سننه» (٣٤٨٨)، وابن حبان في «صحيحه» (٤٩٣٨).
(٣) «الأم» (٦/ ٢٤٠)، و «الحاوي الكبير» (٥/ ٣٨٣)، و «الوسيط» (٣/ ٣٩٧)، و «ينابيع الأحكام» (٢/ ١٠٤)، و «روضة الطالبين» (٣/ ١٤)، و «المجموع» (٩/ ٢١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>