للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زَجَرَ النَّبيُّ عن ذلك. وفي لَفظٍ رَواه أبو داوُدَ عن جابرٍ أنَّ النَّبيَّ نهَى عن ثَمَنِ السِّنَّورِ. قالَ التِّرمِذيُّ: هذا حَديثٌ حَسَنٌ، وفي إسنادِه اضطِرابٌ.

ولنا: ما ذَكَرْنا فيما يُصادُ به مِنْ السِّباعِ، ويُحمَلُ الحَديثُ على غيرِ المَملوكِ مِنها، أو ما لا نَفْعَ فيه مِنها، بِدَليلِ ما ذَكَرْنا، ولأنَّ البَيعَ شرَع طَريقًا لِلتَّوصُّلِ إلى قَضاءِ الحاجَةِ واستِيفاءِ المَنفَعةِ المُباحةِ لِيَصِلَ كلُّ واحِدٍ إلى الِانتِفاعِ بما في يَدِ صاحِبِه ممَّا يُباحُ الِانتِفاعُ به؛ فيَنبَغي أنْ يُشرَعَ ذلك فيه لِيَصِلَ كلُّ واحِدٍ إلى الِانتِفاعِ بما في يَدِ صاحِبِه، فما يُباحُ الِانتِفاعُ به يَنبَغي أنْ يَجوزَ بَيعُه (١).

وقالَ الإمامُ النَّوويُّ : وأمَّا النَّهيُ عن ثَمَنِ السِّنَّورِ فهو مَحمولٌ على أنَّه لا يَنفَعُ، أو على أنَّه نَهيُ تَنزيهٍ، حتى يَعتادَ النَّاسُ هِبَتَه وإعارَتَه والسَّماحةَ به، كما هو الأغلَبُ؛ فإنْ كانَ ممَّا يَنْفَعُ وباعَه صَحَّ البَيعُ، وكانَ ثَمَنُه حَلالًا، هذا مَذهبُنا ومَذهبُ العُلماءِ كافَّةً، إلَّا ما حَكَى ابنُ المُنذِرِ عن


= الهرَّةَ ليست بنجسٍ صارَ ذلك مَنسوخًا في البيعِ، ومنهم من حملَه على السِّنورِ إذا توحَّش ومتابعةُ ظاهرِ السُّنةِ أولَى، ولو سمِع الشافعِيُّ الخبرَ الواقعَ فيه لقالَ به إن شاء الله، وإنَّما لا يَقولُ به من توقَّف في تَثبيتِ رواياتِ أبي الزُّبيرِ، وقد تابعَه أبو سُفيانَ عن جابرٍ على هذه الرِّوايةِ من جهةِ عِيسى ابنِ يُونُسَ وحَفصِ بنِ غياثٍ عن الأعمشِ عن أبي سُفيانَ انتَهى كلامُه. ويُنظر: «المحلى» (٩/ ١٣). ومنهم مَنْ حملَه على الهرِّ الذي ليس بمَملوكٍ، ولا يَخفى ما في هذه المَحاملِ مِنْ الوهَنِ.
(١) «المغني» (٤/ ١٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>