باطِلٌ، وإنْ كانَ عَينًا، بأنْ باعَها بثَوبٍ ونَحوِه، فالبَيعُ فاسِدٌ في حَقِّ الثَّوبِ، ويَنعقِدُ بقِيمةِ الثَّوبِ؛ لأنَّ مَقصودَ العاقِدَيْنِ ليسَ هو تَملُّكَ الخَمرِ، وتَمليكَها؛ لأنَّها لا تَصلُحُ لِلتَّملُّكِ.
والتَّمليكُ في حَقِّ المُسلِمِ مَقصودٌ، بَلْ تَمليكُ الثَّوبِ وتَملُّكُه؛ لأنَّ الثَّوبَ يَصلُحُ مَقصودًا بالتَّملُّكِ والتَّمليكِ؛ فالتَّسميةُ إنْ لَم تَظهَرْ في حَقِّ الخَمرِ تَظهَرُ في حَقِّ الثَّوبِ، ولا مُقابِلَ له، فيَصيرُ كَأنَّ المُشتَرِيَ باعَ الثَّوبَ ولَم يَذكُرِ الثَّمنَ، فيَنعقِدُ بقِيمَتِه، بخِلافِ ما إذا كانَ الثَّمنُ دَينًا؛ لأنَّ الثَّمنَ يَكونُ في الذِّمَّةِ، وما في الذِّمَّةِ لا يَكونُ مَقصودًا بنَفْسِه، بَلْ يَكونُ وَسيلةً إلى المَقصودِ، فتَصيرُ الخَمرُ مَقصودةً بالتَّمليكِ والتَّملُّكِ، فيَبطُلُ أصْلًا، وأمَّا بَيعُ الخَمرِ والخِنزيرِ فلا يَبطُلُ، بَلْ يَفسُدُ ويَنعقِدُ بقِيمةِ الثَّوبِ؛ لأنَّ الثَّوبَ مالٌ مُتقوَّمٌ.
وقالَ أبو حَنيفةَ: الباطِلُ لا يُفيدُ المِلْكَ؛ لأنَّ الباطِلَ هو الخالي عن العِوَضِ والفائِدةِ، ويَكونُ أمانةً في يَدِه حتى لو هلَك فلا ضَمانَ على القابِضِ؛ لأنَّه لمَّا باعَ بما ليسَ بمالٍ، وأمَرَه بقَبضِه، فقد رَضيَ بقَبضِه بغيرِ بَدَلٍ ماليٍّ، فلا يَضمَنُ، كالمُودَعِ.
فلو اشتَرَى عَبدًا بمَيْتةٍ وقبَضه وأعتَقَه، لا يُعتَقُ، وهذا عندَ أبي حَنيفةَ، وعندَ الصَّاحِبَيْنِ يَكونُ البَيعُ الباطِلُ مَضمونًا، ويَهلِكُ بالقِيمةِ؛ لأنَّ البائِعَ ما رَضيَ بقَبضِه مَجَّانًا.
والمُعتبَرُ في القِيمةِ هو يَومُ القَبضِ؛ لأنَّ المَبيعَ بالقَبضِ دخَل في ضَمانِه،