للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفَصَّلَ ابنُ رُشدٍ فقالَ: مَنْ باعَ بَيعًا أرْبَى فيه غيرَ مُستَحِلٍّ لِلرِّبا فعليه العُقوبةُ المُوجِعةُ إنْ لَم يُعذَرْ بجَهلٍ، ويُفسَخُ البَيعُ ما كانَ قائِمًا، والحُجَّةُ في ذلك أنَّ رَسولَ اللَّهِ أمَرَ السَّعدَيْنِ بأنْ يَبيعا آنيةً مِنْ المَغانِمِ مِنْ ذَهَبٍ أو فِضَّةٍ، فباعا كُلَّ ثَلاثةٍ بأربَعةٍ عَينًا، أو كُلَّ أربَعةٍ بثَلاثةٍ عَينًا، فقالَ لَهُما رَسولُ اللَّهِ : «أرْبَيتُما؛ فرُدَّا» (١).

فَإنْ فاتَ البَيعُ فليسَ له إلَّا رَأْسُ مالِه، قبَض الرِّبا أو لَم يَقبِضْه؛ فإنْ كانَ قبَضه رَدَّه إلى صاحِبِه، وكذلك مَنْ أرْبَى ثم تابَ، فليسَ له إلَّا رَأْسُ مالِه، وما قُبِضَ مِنْ الرِّبا وجَب عليه أنْ يَرُدَّه إلى مَنْ قبَضه مِنه، وأمَّا مَنْ أسلَمَ وله رِبًا؛ فإنْ كانَ قبَضه فهو لَهُ؛ لقولِ اللَّهِ : ﴿فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ﴾ [البقرة: ٢٧٥]، ولقولِ رَسولِ اللَّهِ : «مَنْ أسلَمَ على شَيءٍ فهو له» (٢)، وأمَّا إنْ كانَ لَم يَقبِضِ الرِّبا فلا يَحِلُّ له أنْ يَأخُذَه وهو مَوضوعٌ عنِ الذي هو عليه، ولا خِلافَ في هذا أعلَمُه (٣).


(١) رواه الإمام مالك في «الموطأ» (١٢٩٧) مرسلًا.
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه البيهقي في «الكبرى» (١٨٠٣٨)، وغيره.
(٣) «المقدمات» لابن رشد (٢/ ٩، ١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>