أُبيحَ مِنْ حِليةِ السِّلاحِ وغيرِها، فإنَّه يَجوزُ التَّفاضُلُ فيها؛ لأنَّ لِلصِّناعةِ قِيمةً، بدَليلِ حالةِ الإتلافِ، فيَصيرُ كَأنَّه ضَمَّ قِيمةَ الصِّناعةِ إلى الذَّهبِ.
قالَ ابنُ القيِّمِ ﵀: وأمَّا رِبا الفَضلِ فأُبيحَ مِنه ما تَدْعو إليه الحاجةُ، كالعَرايا، فإنَّ ما حُرِّمَ سَدًّا لِلذَّريعةِ أخَفُّ ممَّا حُرِّمَ تَحريمَ المَقاصِدِ، وعلى هذا فالمَصوغُ والحِليةُ إنْ كانَا صياغَتُهما مُحَرَّمةً كالآنيةِ، حرُم بَيعُهما بجِنسَيْهما وغيرِ جِنسَيْهما، وبَيعُ هذا هو الذي أنكَرَه عُبادةُ ﵁ على مُعاويةَ ﵁، فإنَّه يَتضمَّنُ مُقابَلةَ الصِّياغةِ المُحرَّمةِ بالأثمانِ، وهذا لا يَجوزُ، كَآلاتِ المَلاهي.
وأمَّا إنْ كانَتِ الصِّياغةُ مُباحةً، كخاتَمِ الفِضَّةِ، وحِليةِ النِّساءِ، وما أُبيحَ مِنْ حِليةِ السِّلاحِ وغيرِها، فالعاقِلُ لا يَبيعُ هذه بوَزنِها مِنْ جِنسِها؛ فإنَّه سَفَهٌ، وإضاعةٌ لِلصَّنعةِ، والشارِعُ أحكَمُ مِنْ أنْ يُلزِمَ الأُمَّةَ بذلك، فالشَّريعةُ لا تَأتي به، ولا تَأتي بالمَنعِ مِنْ بَيعِ ذلك وشِرائِه لِحاجةِ النَّاسِ إليه، فلَم يَبْقَ إلَّا أنْ يُقالَ: لا يَجوزُ بَيعُها بجِنسِها ألبَتَّةَ، بَلْ يَبيعُها بجِنسٍ آخَرَ، وفي هذا مِنْ الحَرَجِ والعُسرِ والمَشقَّةِ ما تَتَّقيه الشَّريعةُ، فإنَّ أكثَرَ النَّاسِ عندَهم ذَهَبٌ، يَشتَرونَ به ما يَحتاجونَ إليه مِنْ ذلك، ولا يَسمَحُ البائِعُ ببَيعِه ببُرٍّ وشَعيرٍ وثيابٍ، وتَكليفُ الِاستِصناعِ لِكُلِّ مَنْ احتاجَ إليه إمَّا مُتعَذَّرٌ أو مُتعَسِّرٌ، والحِيَلُ باطِلةٌ في الشَّرعِ، وقد جَوَّزَ الشارِعُ بَيعَ الرُّطَبِ بالتَّمرِ لِشَهوةِ الرُّطَبِ، وأينَ هذا مِنْ الحاجةِ إلى بَيعِ المَصوغِ الذي تَدعو الحاجةُ إلى بَيعِه
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute