للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ ابنُ قُدامةَ : وكُلُّ ما حرُم فيه التَّفاضُلُ حرُم فيه النَّساءُ، بغيرِ خِلافٍ نَعلَمُه، ويَحرُمُ التَّفرُّقُ قبلَ القَبضِ؛ لقولِ النَّبيِّ : «عَينًا بعَينٍ»، وقَولِهِ : «يَدًا بيَدٍ»، ولأنَّ تَحريمَ النَّساءِ مُؤكَّدٌ، ولِذلك جَرى في الجِنسَيْنِ المُختلِفَيْنِ، فإذا حرُم التَّفاضُلُ فالنَّساءُ أوْلَى بالتَّحريمِ (١).

وقالَ ابنُ هُبيرةَ : اتَّفَقوا على أنَّ الرِّبا الذي حرَّمه اللَّهُ ضَربانِ: زيادةٌ ونَساءٌ، فمِنهما الأعيانُ السِّتَّةُ التي نصَّ الشارِعُ عليها، وهي: الذَّهبُ، والفِضَّةُ، والبُرُّ، والشَّعيرُ، والتَّمرُ، والمِلحُ.

فأجمَعَ المُسلِمونَ على أنَّه لا يَجوزُ بَيعُ الذَّهبِ بالذَّهبِ مُنفَرِدًا، أو الوَرِقِ بالوَرِقِ تِبْرِها ومَضروبِها وحُلِيِّها، إلَّا مِثْلًا بمِثْلٍ، وَزنًا بوَزنٍ، يَدًا بيَدٍ، وأنَّه لا يُباعُ شَيءٌ غائِبٌ مِنها بناجِزٍ، فقد حرُم في هذا الجِنسِ الرِّبا مِنْ طَريقَيْنِ، الزِّيادةِ والنَّساءِ جَميعًا.

واتَّفَقوا على أنَّه يَجوزُ بَيعُ الذَّهبِ بالفِضَّةِ والفِضَّةِ بالذَّهبِ مُتفاضِلَيْنِ يَدًا بيَدٍ، ويَحرُمُ النَّساءُ في ذلك.

واتَّفَقوا على أنَّه لا يَجوزُ بَيعُ الحِنطةِ بالحِنطةِ، والشَّعيرِ بالشَّعيرِ، والمِلحِ بالمِلحِ، والتَّمرِ بالتَّمرِ، إذا كانَ بمِعيارٍ، إلَّا مِثْلًا بمِثْلٍ، ويَدًا بيَدٍ، ولا يُباعُ شَيءٌ غائِبٌ مِنها بناجِزٍ.

إلَّا أبا حَنيفةَ، فإنَّه قالَ: يَجوزُ التَّفرُّقُ في ذلك قبلَ القَبضِ وَحدَه (٢).


(١) «المغني» (٤/ ٣٠).
(٢) «الإفصاح» (١/ ٣٥٧، ٣٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>