للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغيرِها ممَّا لا يُكالُ ولا يُوزَنُ، فيَجوزُ بَيعُ بَعضِه ببَعضٍ مُتفاضِلًا.

ولا فيما ليسَ بمَطعومٍ، كالزَّعفَرانِ والأُشنانِ والحَديدِ والرَّصاصِ ونَحوِها.

ولأنَّ لِكُلِ واحِدٍ مِنْ هذه الأوصافِ أثَرًا، والحُكمَ مَقرونٌ بجَميعِها في المَنصوصِ عليه، فلا يَجوزُ حَذفُه، ولأنَّ الكَيلَ والوَزنَ والجِنسَ لا تَقتَضي وُجوبَ المُماثَلةِ، وإنَّما أثَرُه في تَحقيقِها في العِلَّةِ ما يَقتَضي ثُبوتَ الحُكمِ، لا ما تَحَقَّقَ شَرطُه، والطُّعمُ بمَجرَّدِه لا تَتحقَّقُ المُماثَلةُ به؛ لعَدمِ المِعيارِ الشَّرعيِّ فيه، وإنَّما تَجِبُ المُماثَلةُ في المِعيارِ الشَّرعيِّ، وهو الكَيلُ والوَزنُ، ولِهذا وَجَبتِ المُساواةُ في المَكيلِ كَيلًا، وفي المَوزونِ وَزنًا.

فوجَب أنْ يَكونَ الطُّعمُ مُعتَبَرًا في المَكيلِ والمَوزونِ دونَ غيرِهما.

والأحاديثُ الوارِدةُ في هذا البابِ يَجِبُ الجَمعُ بينَها وتَقييدُ كلِّ واحِدٍ مِنها بالآخَرِ، فنَهْيُ النَّبيِّ عن بَيعِ الطَّعامِ إلَّا مِثْلًا بمِثلٍ يَتقيَّدُ بما فيه مِعيارٌ شَرعيٌّ، وهو الكَيلُ والوَزنُ، ونَهيُه عن بَيعِ الصَّاعِ بالصَّاعَيْنِ يَتقيَّدُ بالمَطعومِ المَنهيِّ عن التَّفاضُلِ فيه.

قالَ النَّوويُّ : وهذا القَولُ ضَعيفٌ جِدًّا.

القَولُ الرَّابِعُ: وهو قَولُ المالِكيَّةِ، واختيارُ ابنِ القيِّمِ مِنْ الحَنابِلةِ أنَّ عِلَّةَ حُرمةِ رِبا الفَضلِ في الطَّعامِ الِاقتياتُ والِادِّخارُ، أي: مَجموعُ الأمرَيْنِ، فالطَّعامُ الرِّبَويُّ: ما يُقتاتُ ويُدَّخَرُ، أي: ما تَقومُ به البِنيةُ عندَ الِاقتِصارِ عليه، ويُدَّخَرُ إلى الأمَدِ المُبتَغَى مِنه عادةً، ولا يَفسُدُ بالتَّأخيرِ، ولا يُشترَطُ كَونُه

<<  <  ج: ص:  >  >>