للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَكيلٍ أو مَوزونٍ إذا بِيعَ بجِنسِه مُتفاضِلًا حَرامٌ، ويَجري فيه الرِّبا سَواءٌ كانَ مَأكولًا، أو غيرَ مَأكولٍ.

فعِلَّةُ كَونِ المالِ رِبَويًّا القَدْرُ مع الجِنسِ، أي: الكَيلُ مع الجِنسِ، أو الوَزنُ مع الجِنسِ.

فمَن باعَ قَفيزًا مِنْ بُرٍّ بقَفيزَيْ بُرٍّ لا يَجوزُ؛ لِوُجودِ الكَيلِ مع الجِنسِ، وكذا ما يَدخُلُ تَحتَ الوَزنِ، كالحَديدِ والرَّصاصِ، فإنَّ الرِّبا يثبُتُ فيه؛ لِوُجودِ القَدْرِ، وهو الوَزنُ والجِنسُ.

ولا يَجري الرِّبا في مَطعومٍ لا يُكالُ ولا يُوزَنُ كالمَعدوداتِ ونَحوِها، فيَجوزُ بَيعُ بِطِّيخةٍ ببِطِّيخَتَيْنِ وبَيضةٍ ببَيضَتَيْنِ وحَفنةٍ بحَفنَتَيْنِ؛ لعَدمِ الكَيلِ.

فلا رِبا فيما لا يَدخُلُ تَحتَ كَيلٍ أو وزنٍ، كالحَفنةِ مِنْ القَمحِ، والذَّرَّةِ مِنْ الذَّهبِ، ولا في مَكيلٍ أو مَوزونٍ مع خِلافِ جِنسِه -هذا عندَ الحَنفيَّةِ- وقالَ الحَنابِلةُ: ما كانَ جِنسُه مَكيلًا أو مَوزونًا، وإنْ لَم يَتَأتَّ فيه كَيلٌ ولا وَزنٌ، إمَّا لِقِلَّتِه، كالحَبَّةِ والحَبَّتَيْنِ والحَفنةِ والحَفنَتَيْنِ، وما دونَ الأرزَّةِ مِنْ الذَّهبِ والفِضَّةِ، أو لِكَثرَتِه، كالزُّبرةِ العَظيمةِ، فإنَّه لا يَجوزُ بَيعُ بَعضِه ببَعضٍ، إلَّا مِثْلًا بمِثْلٍ، ويَحرُمُ التَّفاضُلُ فيه، وبِهَذا قالَ الشافِعيُّ، لقولِ النَّبيِّ : «التَّمرُ بالتَّمرِ مِثْلًا بمِثْلٍ، والبُرُّ بالبُرِّ مِثْلًا بمِثْلٍ، مَنْ زادَ أو ازدادَ فقد أرْبَى»، ولأنَّ ما جَرى الرَّبا في كَثيرِه جَرى في قَليلِه، كالمَوزونِ.

والدَّليلُ على أنَّ العِلَّةَ هي الكَيلُ أو الوَزنُ وإنْ لَم يَكُنْ مَطعومًا، لِحَديثِ أبي سَعيدٍ مَرفوعًا: «الذَّهبُ بالذَّهبِ، والفِضَّةُ بالفِضَّةِ، والبُرُّ بالبُرِّ،

<<  <  ج: ص:  >  >>