للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُحتمِلةٌ للمَسحِ بعَطفِها على الرأسِ، ويُحتمَلُ أنْ يُرادَ بها الغَسلُ بعَطفِها على المَغسولِ من الأَعضاءِ، وذلك لأنَّ قَولَه: ﴿وَأَرْجُلَكُمْ﴾ بالنَّصبِ يَجوزُ أنْ يَكونَ مُرادُه: فاغسِلوا أَرجُلَكم، ويُحتمَلُ أنْ يَكونَ مَعطوفًا على الرأسِ، فيُرادُ بها المَسحُ؛ فإنَّ اللَّفظَ لمَّا وقَفَ المَوقفَ الذي ذكَرْناه من احتِمالِه لكلِّ واحِدٍ من المَعنَيينِ مع اتِّفاقِ الجَميعِ على أنَّ المُرادَ أحدُهما صارَ في حُكمِ المُجملِ المُفتقرِ إلى البَيانِ فمهما ورَدَ فيه من البَيانِ عن الرَّسولِ من فِعلٍ أو قَولٍ علِمنا أنَّه مُرادُ اللهِ تَعالى، وقد ورَدَ البَيانُ عن الرَّسولِ بالغَسلِ قَولًا، فأمَّا وُرودُه من جِهةِ الفِعلِ فهو ما ثبَتَ بالنَّقلِ المُستفيضِ المُتواتِرِ أنَّ النَّبيَّ غسَلَ رِجلَيه في الوُضوءِ ولم تَختلفِ الأُمةُ فيه؛ فصارَ فِعلُه ذلك وارِدًا مَوردَ البَيانِ، وفِعلُه إذا ورَدَ على وَجهِ البَيانِ فهو على الوُجوبِ فثبَتَ أنَّ ذلك هو مُرادُ اللهِ تَعالى بالآيةِ.

وأمَّا مِنْ جِهةِ القَولِ فما رَوى جابِرٌ وأبو هُرَيرةَ وعائِشةُ وعَبدُ اللهِ بنُ عُمرَ، وغيرُهم أنَّ النَّبيَّ رأى قَومًا تَلوحُ أَعقابُهم لم يُصبْها الماءُ، فقالَ: «وَيلٌ للأَعقابِ من النَّارِ، أَسبِغوا الوُضوءَ» (١).


(١) البخاري (٦٠، ٦٩، ١٦١، ١٦٣)، ومسلم (٢٤٠، ٢٤١، ٢٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>