للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَحاضِرٍ بالمَجلِسِ، ويَجوزُ تَقديمُ الوَصفِ في بَيعِ الأعيانِ على العَقدِ.

كما يَجوزُ تَقديمُ الرُّؤيةِ، وكذلك لا يَجوزُ تَقديمُ الوَصفِ لِلمَعقودِ عليه في السَّلَمِ على العَقدِ، ولا فَرقَ بينَ تَقديمِ الوَصفِ في بَيعِ الأعيانِ على العَقدِ، وتَقديمِه في السَّلَمِ على العَقدِ، وكذا تَقديمُ الوَصفِ في بَيعِ ما في الذِّمَّةِ.

فلو قالَ لِآخَرَ: أُريدُ أنْ أُسلِفَكَ في كُرِّ -هو كَيلٌ مَعروفٌ بالعِراقِ- حِنطةٍ ووصَفه بالصِّفاتِ، فلمَّا كانَ بعدَ ذلك ولو طالَ الزَّمَنُ قالَ: قد أسلَفتُكَ في كُرِّ حِنطةٍ على الصِّفاتِ التي تَقدَّمَ ذِكرُها، وعجَّل الثَّمنَ قبلَ التَّفريقِ جازَ، وصَحَّ العَقدُ لِلعِلمِ بالمَعقودِ عليه.

والنَّوعُ الثَّاني مِنْ نَوعَيِ البَيعِ بالصِّفةِ: بَيعُ مَوصوفٍ غيرِ مُعيَّنٍ، ويَصِفُه بصِفةٍ تَكفي في السَّلَمِ إنْ صَحَّ السَّلَمُ فيه، بأنِ انضَبَطتْ صِفاتُه، مثلَ أنْ يَقولَ: بِعتُكَ عَبدًا تُركيًّا، ثم يَستَقصي صِفاتِ السَّلَمِ فيه، فهذا في مَعنَى السَّلَمِ، وليسَ سَلَمًا؛ لِحُلولِه، فمتى سلَّم البائِعُ إليه عَبدًا على غيرِ ما وصَفه له فرَدَّه المُشتَرِي عليه، أو سلَّم إليه عَبدًا على ما وصَف له، فأبدَلَه المُشتَرِي لِنَحوِ عَيبٍ، لَم يَفسُدِ العَقدُ برَدِّه؛ لأنَّ العَقدَ لَم يَقَعْ على عَينِه، بخِلافِ النَّوعِ الأوَّلِ.

وَيُشترَطُ في هذا النَّوعِ قَبضُ المَبيعِ، أو قَبضُ ثَمَنِه في مَجلِسِ العَقدِ؛ لأنَّه في مَعنَى السَّلَمِ.

وَيُشترَطُ أيضًا ألَّا يَكونَ بلَفظِ سَلَمٍ أو سَلَفٍ؛ لأنَّه لا يَكونُ إذَنْ سَلَمًا، ولا يَصحُّ حالًّا (١).


(١) «كشاف القناع» (٣/ ١٨٧، ١٩٠)، و «منار السبيل» (٢/ ١٢)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ١٣٦، ١٣٨)، و «الروض المربع» (١/ ٥٤٣، ٥٤٤)، و «الإنصاف» (٤/ ٢٩٤، ٢٩٦)، و «مجموع الفتاوى» (٢٩/ ٣٦)، و «التعليقة الكبيرة في مسائل الخلاف» (٣/ ٧، ٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>