للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي بَعضِ هذا تَفصيلٌ عندَ المَذاهبِ:

أوَّلًا: بَيعُ السَّمَكِ في الماءِ: اتَّفق الفُقهاءُ على أنَّه لا يَجوزُ بَيعُ السَّمَكِ في الماءِ، وذلك لِحَديثِ ابنِ مَسعودٍ أنَّ النَّبيَّ قالَ: «لا تَشتَروا السَّمَكَ في الماءِ، فإنَّه غَرَرٌ» (١)؛ ولأنَّه غَرَرٌ، ولأنَّ القَصدَ بالبَيعِ تَمليكُ التَّصرُّفِ، ولا يُمكِنُ ذلك فيما لا يَقدِرُ على تَسليمِه، ولا يَجوزُ ذلك إلَّا بشُروطٍ تَختَلِفُ مِنْ مَذهبٍ لِآخَرَ.

قالَ الحَنفيَّةُ: لا يَصحُّ بَيعُ السَّمَكِ في الماءِ قبلَ أنْ يُصطادَ؛ لأنَّه باعَ ما لا يَملِكُه. ولو كانَ السَّمَكُ مُجتمِعًا في أجَمةٍ فإنِ اجتمعَ بغيرِ صُنعِه لا يَجوزُ؛ لعَدمِ المِلْكِ، وإنِ اجتمعَ بصُنعِه إنْ قدَر على أخْذِه مِنْ غيرِ اصطيادٍ جازَ؛ لأنَّه مَلَكَه ويَقدِرُ على تَسليمِه، ولِلمُشتَرِي خِيارُ الرُّؤيةِ، وإنْ لَم يَقدِرْ عليه إلَّا بالِاصطيادِ لا يَجوزُ (٢).

وقالَ المالِكيَّةُ: لا يَجوزُ بَيعُ ما في الأنهارِ، ولا بَيعُ ما في البِرَكِ -وهي الغُدرانُ المَحفورةُ المُقطَّعةُ- مِنْ الحِيتانِ؛ لِلغَرَرِ، والغَرَرُ فيه مِنْ وَجهَيْنِ: عَدَمِ التَّسليمِ، وكَونِه يَقِلُّ ويَكثُرُ.


(١) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: رواه أحمد في «مسنده» (٣٦٧٦)، والبيهقي في «الكبرى» (١٠٦٤١)، وصوَّب وقفه على ابن مسعود.
(٢) «تبيين الحقائق» (٤/ ٤٥)، و «العناية شرح الهداية» (٩/ ١٠٦)، و «البحر الرائق» (٦/ ٧٩)، و «الجوهرة النيرة» (٣/ ٧٤)، و «اللباب» (١/ ٣٧٨)، و «خلاصة الدلائل» (٢/ ٥٤)، و «الخلاصة الفقهية على مذهب السادة الحنفية» (٢/ ٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>