للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥ - القُدرةُ على تَسليمِ المَبيعِ: اتَّفق الفُقهاءُ على أنَّه يُشترَطُ في المَبيعِ لِكَي يَصحَّ العَقدُ عليه أنْ يَكونَ البائِعُ قادِرًا على تَسليمِ المَبيعِ، فلا يَصحُّ بَيعُ الطَّيرِ في الهَواءِ، والسَّمَكِ في الماءِ، بعدَ أنْ كانَ في يَدِه، ولا يَصحُّ بَيعُ الضّالِّ ولا العَبدِ الآبِقِ؛ لِما رَواه أحمدُ عن أبي سَعيدٍ: أنَّ رَسولَ اللَّهِ نهَى عن شِراءِ العَبدِ وهو آبِقٌ (١).

وَلِمُسلِمٍ عن أبي هُرَيرةَ «أنَّ النَّبيَّ نهَى عن بَيعِ الغَرَرِ» (٢).

قالَ ابنُ تَيميَّةَ : والغَرَرُ هو المَجهولُ العاقِبةِ؛ فإنَّ بَيعَه مِنْ المَيسِرِ الذي هو القِمارُ، وذلك أنَّ العَبدَ إذا أبَقِ، أو الفَرَسَ أو البَعيرَ إذا شَرَدَ، فإنَّ صاحِبَه إذا باعَه فإنَّما يَبيعُه مُخاطَرةً، فيَشتَريه المُشتَرِي بدُونِ ثَمَنِه بكَثيرٍ، فإنْ حصَل له قالَ البائِعُ: قَمَرتَني وأخَذتَ مالي بثَمَنٍ قَليلٍ، وإنْ لَم يَحصُلْ قالَ المُشتَرِي: قَمَرتَني وأخَذتَ الثَّمنَ مِنِّي بلا عِوَضٍ، فيُفضَى إلى مَفسَدةِ المَيسِرِ، التي هي إيقاعُ العَداوةِ والبَغضاءِ مع ما فيه مِنْ أكلِ المالِ بالباطِلِ، الذي هو نَوعٌ مِنْ الظُّلمِ، ففي بَيعِ الغَرَرِ ظُلمٌ وعَداوةٌ وبَغضاءُ.

ومِن نَوعِ الغَرَرِ ما نهَى عنه النَّبيُّ مِنْ بَيعِ حَبَلِ الحَبَلةِ والمَلاقيحِ والمَضامينِ، ومِن بَيعِ السِّنينِ وبَيعِ الثَّمرِ قبلَ بُدُوِّ صَلاحِه، وبَيعِ المُلامَسةِ والمُنابَذةِ ونَحوِ ذلك كُلِّه مِنْ نَوعِ الغَرَرِ (٣).


(١) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: أخرجه أحمد (٣/ ٤٢).
(٢) رواه مسلم (١٥١٣).
(٣) «مجموع الفتاوى» (٢٩/ ٢٢، ٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>