للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بذَهابِ عَينِه فَقط كانَ على الفُضوليِّ الأكثَرُ مِنْ ثَمَنِه وقِيمَتِه، ولا فَرقَ بينَ كَونِ الفُضوليِّ غاصِبًا أو غيرَ غاصِبٍ (١).

القَولُ الثَّاني: أنَّ بَيعَ الفُضوليِّ وتَصرُّفَه باطِلانِ، ولو أُجيزَ بَعدُ، وهو قَولُ الشافِعيَّةِ والحَنابِلةِ في المَذهبِ عندَهما، وذلك لأنَّه غيرُ مالِكٍ، ولا مَأْذونٍ له حالَ العَقدِ، وذلك لقولِه لِحَكيمِ بنِ حِزامٍ : «لا تَبِعْ ما ليسَ عندَكَ» (٢).

وكذا لو باعَ سِلعةً، وصاحِبُها حاضِرٌ ساكِتٌ، فحُكمُه حُكمُ ما لو باعَها بغيرِ إذْنِه، فلا يَصحُّ.

وقالوا -أي: الشافِعيَّةُ والحَنابِلةُ-: يُستَثنَى مِنْ ذلك ما لو باعَ مالَ مَنْ يَرِثُ مِنه، ظانًّا حَياتَه، فتَبيَّن أنَّ المُورِّثَ كانَ مَيِّتًا عندَ العَقدِ، فيُصحَّحُ البَيعُ وتَترتَّبُ عليه آثارُه؛ لأنَّه تَبيَّن خَطَأُ ظَنِّه، وأنَّه في الحَقيقةِ مالِكٌ لِما تَصرَّفَ فيه، وليسَ فُضوليًّا، والعِبرةُ في العُقودِ بما في حَقيقةِ الأمْرِ، لا بما في ظَنِّ العاقِدِ.

وقالَ الشافِعيَّةُ والحَنابِلةُ: وإنِ اشتَرَى لِغيرِه في ذِمَّتِه بلا إذْنِه ولَم يُسَمِّه في العَقدِ صَحَّ العَقدُ؛ لأنَّه مُتصَرِّفٌ في ذِمَّتِه، وهي قابِلةٌ لِلتَّصرُّفِ، ويَصيرُ


(١) «حاشية الدسوقي مع الشرح الكبير» (٤/ ١٨، ١٩)، و «مواهب الجليل» (٦/ ٧٤، ٧٥)، و «الفروق» (٣/ ٣٧٢)، و «بداية المجتهد» (٢/ ١٨٩، ١٩٠)، و «بلغة السالك» (٣/ ١٢)، و «شرح مختصر خليل» (٥/ ١٨)، وكتاب: «الخلاصة الفقهية على مذهب السادة المالكية» (٥٨٥).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٣٥٠٣)، والترمذي (١٢٣٢)، والنسائي (٤٦١١)، وابن ماجه (٢١٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>