ارتفَعَ من الحَسنِ إلى الصِّحةِ بشَواهِدِه وكَثرةِ طُرقِه؛ فإنَّ البَيهَقيَّ وغيرَه رَوَوْه من طُرقٍ كَثيرةٍ غيرِ طَريقِ أبي داودَ.
الحَديثُ الثالِثُ: «عن علِيٍّ ﵁ أنَّه تَوضَّأ فمسَحَ رأسَه ثَلاثًا ثم قالَ: رأيتُ رَسولَ اللهِ ﷺ فعَلَ» رَواه البَيهَقيُّ من طُرقٍ، وقالَ: أكثَرُ الرُّواةِ رَوَوْه عن علِيٍّ ﵁ دونَ ذِكرِ التَّكرارِ. قالَ: وأحسَنُ ما رُويَ عن علِيٍّ ﵁ فيه ما رَواه عنه ابنُه الحَسنُ بنُ علِيٍّ ﵁ فذكَرَه بإِسنادِه عنه «وذكَرَ مَسحَ الرأسِ ثَلاثًا، وقالَ: هكذا رأيتُ رَسولَ اللهِ ﷺ يَتوضَّأُ» (١)، وإِسنادُه حَسنٌ.
وأمَّا الأقيِسةُ فقالوا: أحَدُ أَعضاءِ الطَّهارةِ، فسُنَّ تَكرارُه كغيرِه. وقالوا: ولأنَّه إيرادُ أصلٍ على أصلٍ، فسُنَّ تَكرارُه كالوَجهِ، ثم قالَ: أمَّا أدِلةُ القائِلينَ بمَسحةٍ واحِدةٍ فأجابَ أَصحابُنا عنها بأجوِبةٍ كَثيرةٍ أحسَنُها: أنَّه نُقلَ عن رُواتِها المَسحُ ثلاثًا وواحِدةً كما سبَقَ، فوجَبَ الجَمعُ بينَهما فيُقالُ: الواحِدةُ لبَيانِ الجَوازِ، والثِّنتانِ لبَيانِ الجَوازِ وزِيادةِ الفَضيلةِ على الواحِدةِ، والثَّلاثُ للكَمالِ والفَضيلةِ، ويُؤيِّدُ هذا أنَّه رُويَ الوُضوءُ على أوجُهٍ كَثيرةٍ، فرُويَ على هذه الأَوجهِ المَذكورةِ، ورُويَ غَسلُ بعضِ الأَعضاءِ مَرةً وبَعضِها مرَّتينِ، ورُويَ على غيرِ ذلك، وهذا يَدلُّ على التَّوسِعةِ وأنَّه لا حَرجَ كيف تَوضَّأ على أحدِ هذه الأَوجهِ، ولم يَقُلْ أحدٌ من العُلماءِ: يُستحبُّ غَسلُ بعضِ الأَعضاءِ ثَلاثًا وبَعضِها مرَّتينِ مع أنَّ حَديثَه هكذا في
(١) رواه البيهقي في «السنن الكبرى» (١/ ٦٣).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute